Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 148-149)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { عِجلاً } : مفعول أول لاتخذ ، و { جسدًا } : بدل منه ، وحذف الثاني أي : " إلهًا " لدلالة أوله ، و { له خوار } : نعت له . يقول الحقّ جلّ جلاله : { واتخذ قُوم موسى من بعده } أي : من بعد ذهابه للميقات ، { من حُليَّهم } التي كانوا استعاروها من القبط ، حين هموا بالخروج من مصر ، وإضافتها إليهم لأنها كانت تحت أيديهم ، فصنع لهم منها السامري { عِجلاً جسدًا } بلا روح ، فألقى في جوفه من تراب أثر فرس جبريل ، فصار { له خُوارٌ } ، فقال لهم : { هذا إلهكم وإله موسى } ، فعكفوا على عبادته ، واتخذوه إلهًا . قال تعالى : { ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً } أي : ألم يروا ، حين اتخذوه إلهًا ، أنه لا يقدر على كلام ، ولا على إرشاد سبيل ، كآحاد البشر ، حتى حسبوا أنه خالق الأجسام والقوى والقدر ، وهذا تقريع على فرط ضلالتهم وإخلالهم بالنظر . قال تعالى : { اتخذوه } إلهًا { وكانوا ظالمين } في اتخاذه ، وضعوا الأشياء في غير محلها ، أي : كانت عادتهم الظلم ، فلم يكن اتخاذ العجل بدعًا منهم . { ولما سُقِطَ في أيديهم } كناية عن اشتداد ندمهم ، فإن النادم المتحسر يعض يده غمًا ، فتصير يده مسقوطًا فيها . أو يسقط رأسه ، أي : يطأطئها لبعض يده . وقال الدمياميني : العرب تضرب الأمثال بالأعضاء ، ولا تريد أعيانها ، تقول للنادم : يُسقط في يده ، وفي الذليل : رغم أنفه . هـ . أي : ولَمَّا ندموا على ما فعلوا ، { ورأوا } أي : علموا { أنهم قد ضلّوا } باتخاذ العجل ، { قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا } بالتجاوز عن خطيئتنا ، { لنكونَنّ من الخاسرين } دنيًا وأخرى . الإشارة : كلّ مَن ركن إلى شيء وعكف على محبته من دون الله فهو في حقه عجل يعبده من دون الله ، " ما أحببت شيئًا إلا وكنت عبدًا له ، وهو لا يحب أن تكون عبدًا لغيره " . عافانا الله من ذلك . ثم ذكر رجوع موسى عليه السلام من الطور ، فقال : { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } .