Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 179-179)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : { ولقد ذرأنا } خلقنا { لجهنم كثيرًا من الجن والإنس } كتبنا عليهم الشقاء في سابق الأزل ، فهم من قبضة أهل النار ، كما قال : " هؤلاء إلى الجنة ولا أُبالي ، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " . ثم ذكر علامتهم فقال : { لهم قلوبٌ لا يفقهون بها } المواعظ والتذكير للأكنة التي جعلت عليها ، { ولهم أعين لا يبصرون بها } دلائل وحدانيتنا وكمال قدرتنا ، فلا ينظرون بها نظر اعتبار ، { ولهم آذان لا يسمعون بها } الآيات والمواعظ ، سماع تأمل وتدبير ، { أولئك كالأنعام } في عدم التفقه والاستبصار ، أو في أن هممهم ومشاعرهم متوجهة إلى أسباب التعيش ، مقصورة عليها ، فهممهم في بطونهم وفروجهم ، { بل هم أضلُّ } من الأنعام ، لأنها تطلب منافعها وتهرب من مضارها ، وهؤلاء يقدمون على النار معاندة ، وأيضًا : الأنعام رُفع عنها التكليف فلا تعذب ، يخلاف الكافر ، وأيضًا : البهائم تقبل الرياضة والتأديب لِمَا يراد بها ، والكافر عاص على الدوام ، { أولئك هم الغافلون } الكاملون في الغفلة المنهمكون فيها . الإشارة : النار على قسمين : حسية ومعنوية ، كما أن الجنة كذلك ، فالنار الحسية لتعذيب الأشباح ، والنار المعنوية لتعذيب الأرواح ، والجنة الحسية لنعيم الأشباح ، والمعنوية لنعيم الأرواح . النار الحسية معلومة . والنار المعنوية هي نار القطيعة وغم الحجاب ، وأهلها هم أهل الغفلة ، وهم كثير من الجن والإنس ، ليس لهم قلوب تجول في معاني التوحيد ، وليس لم أعين تنظر بعين الاعتبار ، وليس لهم آذان تسمع المواعظ والتذكار ، إن هم إلا كالأنعام ، غير أن الله تعالى تفضل عليهم برسم الإسلام . والجنة الحسية هي جنة الزخارف ، والجنة المعنوية هي جنة المعارف ، وأعدها الله لقلوب تجول في الأنوار والأسرار ، ولأعين تنظر بعين الأعتبار والاستبصار ، حتى تشاهد أنوار الواحد القهار ، ولآذان تسمع المواعظ والتذكار ، وتعي ما تسمع من الحكم والأسرار ، وبالله التوفيق . ثم عرَّف بذاته بتعريف أسمائه ، فقال : { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا } .