Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 197-198)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : في إتمام الرد على المشركين : { والذين تدعون من دونه } أي : تعبدونها من دونه ، { لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون } ، فلا تُبال بهم أيها الرسول ، { إن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا } ، يحتمل أن يريد الأصنام ، فيكون تحقيرًا لها ، وردًا على من عبدها فإنها جماد موات لا تسمع شيئًا ، أو يريد الكفار ، ووصفهم بأنهم لا يسمعون ، يعني : سمعًا ينتفعون به ، لإفراط نفورهم ، أو لأن الله طبع على قلوبهم ، { وتراهم } أي : الأصنام ، { ينظرون إليك وهم لا يُبصرون } لأنهم مصورورن بصورة من ينظر ، فقوله : { وتراهم ينظرون إليك } : مجاز ، { وهم لا يُبصرون } حقيقةً ، لأن لهم صورة الأعين ، وهم لا يرون بها شيئًا ، هذا إن جعلنا وصفًا للأصنام ، وإن كان وصفًا للكفار فقوله : { وتراهم ينظرون إليك } حقيقة ، { وهم لا يُبصرون } مجاز ، لأن الأبصار وقع منهم في الحس ، لكن لمَّا لم ينفعهم لعمى قلوبهم ، نفاه عنهم كأنه لم يكن . قال المحشي : شاهدوا بأبصار رؤوسهم ، لكنهم حجبوا عن الرؤية ببصائر أسرارهم وقلوبهم ، فلم يعتد برؤيتهم . هـ . الإشارة : في الآية تحويش للعبد إلى الأعتماد على الله واستنصاره به جميع أموره ، فلا يركن إلى شيء سواه ، ولا يخاف إلا من مولاه ، إذ لا شيء مع الله . وقوله تعالى : { وتراهم ينظرون إليك … } الآية . قال المحشي : يقال : رُؤية الأكابر ليست بشهود أشخاصهم ، لكن لِما يحصل للقلوب من مكاشفة الغيوب ، وذلك على مقدار الاحترام وحضور الإيمان . هـ . يعني : أن النظر إلى الأكابر ، من العارفين بالله ، ليست مقصودة لرؤية أشخاصهم ، وإنما هي مقصودة لفيضان أمدادهم ، وذلك على قدر التعظيم والاحترام ، وصدق المحبة والاحتشام ، فكل واحد من الناظرين إليهم يغرف على قدر محبته وتعظيمه . رُوِي أن بعض الملوك زار قبر أبي يزيد البسطامي ، فقال : هل هنا أحد ممن أدرك الشيخ أبا يزيد البسطامي ؟ فأتى بشيخ كبير ، فقال : أنت أدركته ، فقال : ما سمعتَه يقول ؟ فقال : سمعتُه يقول : من رآني لا تأكله النار . فقال الملك : هذا لم يكن للنبي عليه الصلاة والسلام فقد رآه كثير من الكفار فدخلوا النار ، فكيف يكون لغيره ؟ فقال له الشيخ : يا هذا ، الكفار لم يروه صلى الله عليه وسلم على أنه رسول الله ، وإنما رأوه على أنه محمد بن عبد الله ، فسكت . والله تعالى أعلم . ثم أمر نبيه بمكارم الأخلاق ، فقال : { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } .