Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 40-41)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { سَمّ الخياط } : عين الإبره ، وفي السين : الفتح والكسر والضم ، والخياط : ما يخاط به ، على وزن حِزام ، والتنوين في { غواشٍ } : للعوض عن الياء ، عند سيبويه ، وللصرف عند غيره . يقول الحقّ جلّ جلاله : { إنَّ الذين كذَّبوا بآياتنا واستكبروا } عن : الإيمان بها ، { لا تُفتَّح لهم أبوابُ السماء } لأدعيتهم وأعمالهم فلا تقبل ، أو لا تفتح لأرواحهم إذا ماتوا ، بل تغلق دونها إذا وصلت بها الملائكة إليها ، فيطرحونها فتسقط من السماء ، بخلاف أرواح المؤمنين تُفتح لهم أبواب السماء حتى يفضوا إلى سدرَة المنتهى . { ولا يدخلون الجنة حتى يَلجَ } أي : يدخل ، { الجمَلُ } وهو البعير { وفي سَمِّ الخِياط } أي : في ثقب الإبرة ، والمعنى : لا يدخلون الجنة حتى يكون ما لا يكون أبدًا ، فلا يدخلون الجنة أبدًا ، وقرأ ابن عباس { الجُمل } ، بضم الجيم وسكون الميم ، وهو حبل السفينة ، الذي جُمِعَ بعضُه إلى بعض حتى صار أغلظ ما يكون . ثم قال تعالى : { وكذلك نَجزي المجرمين } أي : مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي المجرمين ، { لهم من جهنم مهادٌ } أي : فراش ، { ومِن فوقهم غَوَاشٍ } أي : أغطية من النار . { وكذلك نجزي الظالمين } عبَّر عنهم بالمجرمين تارة ، وبالظالمين أخرى إشعارًا بأنهم بتكذيبهم الآيات ، اتصفوا بالجرم والظلم ، وذكر مع الحرمان من الجنة : الجرم ، ومع التعذيب بالنار : الظلم تنبيهًا على أن الظلم أعظم الإجرام . الإشارة : أهل التربية النبوية من الشيوخ العارفين : آية من آيات الله ، من كَذَّب بهم ، واستكبر عن الخضوع لهم ، لا تفتح لفكرته أبواب السماء ، بل يبقى مسجونًا بمحيطاته ، محصورًا في هيكل ذاته ، ولا يدخل جنة المعارف أبدًا ، بل يحيط به الحجاب من فوقه ومن أسفله ، فتنحصر روحه في الأكوان ، ولم تفض إلى فضاء الشهود والعيان . وفي الحِكَم : " الكائن في الكون ، ولم تفتح له ميادين الغيوب ، مسجون بمحيطاته ، محصور في هيكل ذاته " . وقال أيضًا : " وسعك الكون من حيث جثمانيتك ، ولم يَسعَك من حيث ثبوتُ روحانيِتك " ، فكل من لم تثبت له الروحانية : فهو محصور في الكون ، وكل من ثبتت له الروحانية بأن استولى معناه على حسه ، لم يسعه الكون ، ولم يحصره عرش ولا فرش ، وكذلك الصوفي لا تظله السماء ولا تقله الأرض ، أي : لا يحصره الكون من حيث فكرتُهُ . والله تعالى أعلم . ثم شفع بضدهم فقال : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } .