Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 59-64)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { أوَ عَجبتم } : الهمزة للإنكار ، والواو للعطف ، والمعطوف عليه محذوف ، أي : أكذبتم وعجبتم ، و { في الفلك } : يتعلق بأنجينا ، أو بمن معه ، أو حال من الموصول . يقول الحقّ جلّ جلاله : { لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه } ، وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أدريس ، نبىء بعده ، بعث وهو ابن خمسين سنة أو أربعين ، وعاش ألفًا وثلاثمائة سنة ، { فقال يا قوم اعبدوا الله } وحده { ما لكم من إله غيرُه } يستحق أن يُعبد ، { إني أخاف عليكم } ، إن لم تُؤمنوا وتُوحدوا الله { عذابَ يوم عظيم } وهو يوم القيامة ، أو يوم نزول الطوفان . { قال الملأُ } أي : الأشراف { من قومه } لأنهم يملأون العيون عند رؤيتهم ، قالوا له : { إنا لنَراكَ في ضلالٍ مبين } أي : في خطأ بيِّن عن الحق ، { قال يا قوم ليس بي ضلالةٌ } أي : ليس بي شيء من الضلال ، بالغ لهم في النفي كما بالغوا له في الإثبات ، وعرض لهم به ، وتلطف لهم في القول ، { ولكني رسولُ من ربّ العالمين } أي : لست في ضلال كما اعتقدتم ، ولكني في غاية من الهدى لأني رسول من رب العالمين ، { أبلغكم رسالاتِ ربي } كما أمرني ، { وأنصحُ لكم } جُهدي ، { وأعلمُ من الله ما لا تعلمون } من صفاته الجلالية والجمالية ومن رحمته وعذابه ، أو من قدرته وشدة بطشه ، أو أعلم من جهة وحيه أشياء لا علم لكم بها ، وجمع الرسالات لاختلاف أوقاتها ، أو لتنوع معانيها ، كعلم العقائد والمواعظ والأحكام . ثم قال لهم : { أو عَجبتُم } أي : أكذبتم وعجبتم من { أن جاءكم ذِكرٌ } أي : تذكير ووعظ { من ربكم } { على } لسان { رجل منكم } أي : من جملتكم ، أو من جنسكم كانوا يتعجبون من إرسال البشر ويقولون : { وَلَوْ شَآءَ اللهُ لأَنزَلَ مَلآئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي ءَابآئِنَا الأَوَّلِينَ } [ المؤمنون : 24 ] ، قال القشيري : عجبوا مِن كونِ شخص رسولاً ، ولم يَعجبوا من كون الصنم شريكًا لله ، هذا فَرطُ الجهالة وغاية الغواية . هـ . وحكمة إرساله كونه جاءكم { لينذركم } عاقبة الكفر والمعاصي ، { ولتتقوا } الله بسبب تلك الإنذار ، { ولعلكم ترحمون } بتلك التقوى ، وفائدة حرف الترجي التنبهُ على أن التقوى غير مُوجب للترحم بذاته ، وإنما هو أي : الترحم فضل من الله ، وأن المتقي ينبغي ألا يعتمد على تقواه ، ولا يأمَن من عذاب الله . { فكذبوه فأنجيناه والذين معه } هو ومن آمن به ، وكانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة ، وقيل : عشرة ، وقيل : ثمانية ، حَملناهم { في الفلك } أي : السفينة ، { وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا } بالطوفان { إنهم كانوا قومًا عَمِينَ } أي : عُمي القلوب ، غير مستبصرين ، وأصله : عَميين ، مخفف . قاله البيضاوي . الإشارة : الشريعة المحمدية : سفينة نوح عليه السلام ، فمن ركب بحر الحقائق وحاد عنها حال بينه وبينها الموج فكان من المغرقين في بحر الزندقة والكفر ، ومن تمسك بها في ذلك كان من الناجحين الفائزين . ثم ذكر قصة هود عليه السلام فقال : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } .