Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 33-34)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { وما كان الله ليُعذبهم وأنت } موجود { فيهم } ، ونازل بين أظهرهم ، وقد جعلتلك رحمة للعالمين ، خصوصاً عشيرتك الأقربين ، { وما كان الله مُعَذِّبَهُم وهم يستغفرون } قيل : كانوا يقولون : غفرانك اللهم ، فلما تركوه عُذبوا يوم بدر ، وقيل : وفيهم من يستغفر ، وهو من بقي فيهم من المؤمنين ، فلما هاجروا كلهم عُذبوا ، وقيل : على الفرض والتقدير ، أي : ما كان الله ليعذبهم لو آمنوا واستغفروا . قال بعض السلف : كان لنا أمانان من العذاب : النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار ، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم ذهب الأمان الواحد وبقي الآخر ، والمقصود من الآية : بيان ما كان الموجب لإمهاله لهم والتوقف على إجابة دعائهم ، وهو وجوده صلى الله عليه وسلم أو من يستغفر فيهم . ثم قال تعالى : { وما لهم ألا يعذبهم الله } أي : وأيُّ شيء يمنع من عذابهم ؟ وكيف لا يعذبون { وهم يصُدُّون } الناس { عن المسجد الحرام } ؟ أي : يمنعُون المتقين من المسجد الحرام ، ويصدون رسوله عن الوصول إليه . { وما كانوا أولياءَهُ } المستحقين لولايته مع شركهم وكفرهم ، وهو ردٌّ لما كانوا يقولون : نحن ولاة البيت الحرام فنصد من نشاء ونُدخل من نشاء . قال تعالى : { إنْ أولياؤُه إلا المتقون } أي : ما المستحقون لولايته إلا المتقون ، الذين يتقون الشرك والمعاصي ولا يعبدون فيه إلا الله ، ويعظمونه ، حق تعظيمه . { ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون } أن لا ولاية لهم عليه ، وإنما الولاية لأهل الإيمان ، وكأنه نبه بالأكثر على أن منهم من يعلم ذلك ويعاند أو أراد به الكل ، كما يراد بالقلة العدم . قاله البيضاوي . الإشارة : قد جعل الله رسوله صلى الله عليه وسلم أماناً لأمته ما دام حياً ، فلما مات صلى الله عليه وسلم بقيت سنته أماناً لأمته ، فإذا أُميتت سنته أتاهم ما يوعدون من البلاء والفتن ، وكذلك خواص خلفائه ، وهم العارفون الكبار ، فوجودهم أمان للناس . فقد قالوا : إن الإقليم الذي يكون فيه القطب لا يصيبه قحط ولا بلاء ، ولا هرج ولا فتن لأنه أمان لذلك الإقليم ، خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والله تعالى أعلم . ثم ذكر تلاعبهم بالذين ، فقال : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً } .