Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 115-116)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { وما كان الله ليضل قوماً } أي : يسميهم ضلالاً ، ويؤاخذهم مؤاخذتهم ، { بعد إذ هداهم } للإسلام ، { حتى يُبين لهم ما يتقونَ } أي : حتى يُبين لهم خطر ما يجب اتقاؤه ، فإن خالفوا بعد البيان ، أضلهم وآخذهم إن لم يتوبوا . قال البيضاوي : وكأنه بيان عذر الرسول في قوله لعمه : " لأستغفرن لك ، ولمن استغفر لأسلافه المشركين قبل المنع " . وقيل : إنه في قوم مضوا على الأمر الأول في القبلة والخمر ، ولم يعلموا بالنسخ والمنع . وفي الجملة : دليل على أن الغافل غير مكلف . هـ . وقال ابن جزي : نزلت في قوم من المسلمين استغفروا للمشركين من غير إذن ، فخافوا على أنفسهم من ذلك ، فنزلت الآية تأنيساً لهم ، أي : ما كان الله ليؤاخذهم بذلك قبل أن يُبَيَّن لكم المنع من ذلك . هـ . { إن الله بكل شيءٍ عليمٌ } فيعلم أمرهم قبل النهي وبعده . { إن الله له ملكُ السمواتِ والأرضِ } ، يتصرف فيهما وفي ساكنهما كيف يشاء ، { يُحيي } من يريد إبرازه لعالم الشهادة ، { ويميت } من يريد رده لعالم الغيب ، أو يحيي قلوباً بالإيمان والمعرفة ، ويميت قلوباً بالكفر والغفلة . { وما لكم من دون الله من وليِّ ولا نصير } . قال البيضاوي : لمَّا منعهم من الاستغفار للمشركين ، ولو كانوا أولي قربى ، وتضمن ذلك وجوب التبري منهم رأساً ، بيَّن لهم أن الله تعالى مالك كل موجود ، ومتولي أمره والغالب عليه ، ولا يتأتى لهم ولاية ولا نصرة إلا منه ، ليتوجهوا إليه ويتبرؤوا مما عداه ، حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه . هـ . الإشارة : وما كان الله ليضل قوماً عن السير إلى حضرته ، أو الترقي في العلوم والمعارف بعد الوصول ، حتى يُبين لهم ما يتقون من سوء الأدب على لسان الشارع أو المشايخ ، فإذا تبين لهم ذلك ثم ارتكبوه وأصروا عليه ، أضلهم ، وأتلفهم عن الوصول إلى حضرة قدسه ، فإنَّ كل طاعة وحسن أدب يقرب من الحضرة ، وكل معصية وسوء أدب يُبعد عن الحضرة ، وقد قالوا : من أساء الأدب على البساط ، طُرد إلى الباب ، ومن أساء الأدب في الباب ، طُرد إلى سياسة الدواب . وبالله التوفيق . ثم ذكر توبته على الثلاثة المُرجوْن ، فقال : { لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ وَٱلْمُهَاجِرِينَ } .