Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 58-59)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : لو : شرطية ، و أنهم : قال سيبويه : مبتدأ ، والخبر محذوف : ولو رضاهم ثابت أو موجود … الخ . وقال غيره : فاعل بفعل محذوف ولو ثبت رضاهم ، وجواب لو : محذوف ، أي : ولو أنهم رضوا لكان خيراً لهم . يقول الحق جل جلاله : { ومنهم } ومن المنافقين { من يلمزك } أي : يعيبك ، ويعترض عليك { في } قسم { الصدقات } ، { فإن أُعطوا منها رَضُوا } وفرحوا ، { وإِنْ لمْ يُعْطُوا منها } شيئاً { إّذا هم يَسْخَطُون } . والآية نزلت في ابن أُبي رأس المنافقين ، قال : ألا تَرونَ إلى صاحِبِكُم إِنَّما يقْسِمُ صَدقَاتكُمْ في رُعَاةِ الغَنَم ، ويَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْدل . وقيل : في ذي الخُوَيْصِرةِ رأس الخَوَارِجِ ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين ، فاستعطف قلوب أهل مكة ، فآثرهم بالعطاء ، فقال : اعْدِلَ يا رَسُول الله ، فقال : " ويلَكَ ، إنْ لَمْ أَعْدِلْ فمنْ يَعْدِل ؟ " . قال تعالى : { ولو أنهم رَضُوا ما أتاهم اللَّهُ ورسولُه } أي : بما أعطاهم الرسول من الغنيمة ، وذَكَرَ الله للتعظيم ، وللتنبيه على أن ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام كان بأمر الله ووحيه ، فكأنه فعله هو . { وقالوا حسبنا الله } أي : كفانا فضلُه ، { سيؤتينا اللَّهُ من فضله ورسولهُ } صدقة أو غنيمة أخرى ، فيؤتينا أكثر مما أتانا ، { إنا إلى الله راغِبُون } في أن يُغنينا من فضله وجوده . فلو فعلوا هذا لكان خيراً لهم من اعتراضهم عليك ، الموجب لهم المقت والعذاب . الإشارة : لا يكون المؤمن كاملاً حتى يستوي عنده المنع والعطاء ، والفقد والوجد ، والفقر ، والغنى والعز والذل . وأما إن كان في حالة العطاء والوجد يفرح ، وفي حالة المنع والفقد يسخط ، فلا فرق بينه وبين أهل النفاق ، إلا من حيث التوسم بالإيمان ، ولو أنه رضي بما قسم الله له ، واكتفى بعلمه ، ورغب الله في زيادته من فضله ، لكان خيراً له وأسلم . والله تعالى أعلم وأحكم . ثم بيَّن مصرف الصدقات الواجبة قطعاً لأطماع من لا يستحقها ، فقال : { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ } .