Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 86-89)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { وإذا أنزلت سورة } ، أو بعضها ، في شأن الجهاد قائله : { ان آمنوا بالله } وحده ، { وجاهدوا مع رسوله } صلى الله عليه وسلم ، { استأذَنَكَ } في التخلف { أُولو الطَّولِ منهم } أي : أولو الغنى والسعة ، { وقالوا ذَرْنَا نكن مع القاعدين } الذين قعدوا لعذر ، { رَضُوا بأن يكونوا مع الخوالِف } مع النساء ، جمع خالفة ، وقد يقال : الخالفة للذي لا خير فيه . { وطبع على قلوبهم } بالكفر والنفاق ، { فهم لا يفقهون } ما في الجهاد وموافقة الرسول من السعادة ، وما في التخلف عنه من الشقاوة . { لَكِنِ الرسولُ والذين آمنوا معه جاهدُوا بأموالهم وأنفسهم } أي : إن تخلف هؤلاء ولم يجاهدوا ، فقد جاهد من هو خير منهم ، { وأولئك لهم الخيراتُ } منافع الدارين : النصر والغنيمة في الدنيا ، والجنة والكرامة في الآخرة ، وقيل : الحُور ، لقوله { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } [ الرحمن : 70 ] ، و { وأولئك هم المفلحون } الفائزون بالمطالب البهية والمراغب السنية . { أعدَّ اللَّهُ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم } بيان لبعض الخيرات الأخروية . الإشارة : إذا ظهر الدعاة إلى الله يُشوقون الناس إلى حضرة الله ترى من صُرِفَ عنه عِنَانُ العناية ، ولم يضرب له مع السابقين بسهم الهداية ، يميل إلى التقاعد إلى وطن الراحة ، والميل إلى ما ألفه من سيئ العادة ، يستأذن أن يتخلف مع النساء والصبيان ، ويتنكب طريق الأقوياء من الشجعان ، فإن تخلف هذا مع عوام الضعفاء فقد تقدم لهذا الأمر من يقوم به من الأقوياء ، اختارهم الله لحضرته ، وقواهم على مكافحة مشاهدته ومحبته ، جاهدوا نفوسهم في معرفة محبوبهم ، وبذلوا أموالهم ومهجهم في الوصول إلى مطلوبهم ، { وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون } . ثم ذكر اعتذار الأعراب ، فقال : { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ } .