Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 11-15)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { كذبتْ ثمودُ } صالحاً { بطغواها } أي : بسبب طغيانها ، إذ الحامل لهم على التكذيب هو طغيانهم ، وفيه وعظ لأمثالهم ، وتهديد للحاضرين الطاغين لأنَّ الطغيان أجرم الجرائم الموجبة للهلاك والخيبةِ في الدنيا والآخرة . { إِذ انبعث أشقاها } ، منصوب بـ " كذبتْ " ، أي : حين قام أشقى ثمود ، وهو : قُدّار بن سالف ، أو : هو ومَن تصدّى معه للعقر من الأشقياء ، فإنَّ أفعل التفضيل إذا أضيف يصلح للواحد والمتعدد ، والمذكر والمؤنث . وفضل شقاوتهم على مَن عداهم لمباشرتهم العقر مع اشتراك الكل في الرضا به . { فقال لهم } أي : لثمود { رسولُ الله } صالح عليه السلام عبَّر عنه بعنوان الرسالة إيذاناً بوجوب طاعته وبياناً لغاية عتوهم ، وهو السر في إضافة الناقة إليه تعالى في تقوله : { ناقةَ الله } أي : احذروا عقرها ، أو احفظوها ، { و } الزموا { سُقياها } فلا تُدَوروها في نوبتها ، وهما منصوبان على التحذير . { فكذّبوه } فيما حذّرهم به من نزول العذاب بقوله : { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الأعراف : 73 ] ، { فعقروها } ، أسند الفعل إليهم ، وإن كان العاقر واحداً ، لقوله : { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [ القمر : 29 ] لرضاهم به . قال قتادة : بلغنا أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم . وذكرانهم وإناثهم " . { فَدَمْدَمَ عليهم ربُّهم } فأطبق عليهم العذاب حتى استأصلهم . قال الهروي : إذا كررت الإطباق قلت : دمدمت عليه ، أي : أدمت عليه الدمدمة وقيل : فدمدم عليهم : عَضِبَ عليهم ، { بذنبهم } بسبب ذنبهم ، وصّرح به مع دلالة الفاء عليه للإيذان بأنه عاقبة كل ذنب ليعتبر به كل مذنب . { فسوَّاها } أي : الدمدمةّ بينهم ، لم يفلت منهم أحد من صغيرهم وكبيرهم ، أو فسوّى ثمود بالأرض بتسوية بنائها وهدمه ، { وَلآ يَخَافُ عُقْبَآهَا } [ الشمس : 15 ] أي : عاقبتها وتَبِعَتها ، كما يخاف سائر المعاقِبين أي : فعل ذلك غير خائف أن يلحقه تبعة مِن أحد ، كما يخاف مَن يعاقب مِن الملوك وغيرهم لأنه تصرف في ملكه ، { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [ الأنبياء : 23 ] . ومَن قرأ بالواو فهو للحال ، أو الاستئناف . الإشارة : قال القشيري : كذبت ثمودُ النفس بسبب طغيانها على القلب بالشهوات الحيوانية واللذات الجسمانية ، إذ انبعث أشقاها ، هو الهوى المتبع ، الساعي في قتل ناقة الروح ، فقال لهم رسول الله القلب الصالح : ناقةَ الله أي : اتركوا ناقةَ الله ترعى في المراتع الروحانية ، من المكاشفات والمشاهدات والمعاينات ، فكذّبوه فكذبت ثمود النفس وجنودُها رسولَ القلب ، فعقروها ، أي : الروح بالظلمة النفسانية والشهوة الحيوانية ، فَدَمْدَم عليهم ربُّهم على ثمود النفس وقومها عذاب البُعد والطرد بذنبهم ، فسوّاها ، أي : فسوّى الدمدمة ، وهي الإطباق على النفس وجنودها ، فلا يخاف عقباها لغناه عن العالمين . هـ . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .