Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 98, Ayat: 6-8)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { إِنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين } المتقدمين في أول السورة ، { في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شَرُّ البريَّةِ } أي : الخليقة لأنّ الله بَراهم ، أي : أوجدهم . قُرىء بالهمزة ، وهو الأصل ويعدمه مع الإدغام ، وهو الأكثر . { إِنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خيرُ البريَّةِ } لا غيرهم ، { جزاؤُهم عند ربهم جناتُ عدنٍ } إقامة ، { تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورَضُوا عنه } حيث بلغوا من الأماني قاصيها وملكوا من المآرب ناصيتها ، وأتيح لهم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . { ذلك لِمَنْ خَشِيَ ربَّه } ، فإنَّ الخشية التي هي مِن خصائص العلماء به مناطاة بجميع الكمالات العلمية والعملية ، المستتبعة للسعادة الدينية والدنيوية . والتعرُّض لعنوان الربوبية ، المعربة عن المالكية والتربية للإشعار بعلو الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية . قاله ابو السعود . وقوله : { خير البرية } يدل على فضل المؤمنين من البشر على الملائكة . وفيه تفصيل تقدّم ذكره في النساء . قال القشيري : قوله تعالى : { خير البرية } يدل على أنهم أفضل من الملائكة . هـ . قال في الحاشية : أي : في الجملة ، ثم ذكر حكاية الرجل الذي أحياه الله بعد موته بدعوة عيسى ، فقال : إنه كان في الجنة ، وأنه مرّ بملأ من الملائكة ، وهم يقولون : إنَّ من بني آدم لَمَنْ هو أكرم على الله من الملائكة . ثم ذكر عن نوادر الأصول : أنَّ المؤمن أكرم على الله من الملائكة المقربين ، فانظره . وقال بعضهم : الملائكة عقل بلا شهوة ، والبهائم شهوة بلا عقل ، والآدمي فيه عقل وشهوة ، فمَن غلب عقلُه على شهوته كان كالملائكة أو أفضل ، ومَن غلبت شهوتُه على عقله كان كالبهائم أو أضلّ . هـ . الإشارة : مَن كفر بأهل الخصوصية مِن أهل العلم وغيرهم لهم نار الحجاب والقطيعة ، ومَن آمن بهم ، ودخل تحت تربيتهم له جنات المعارف خالداً فيها ، رضي الله عنهم حيث قرَّبهم إليه ، ورَضُوا عنه حيث سلّموا الأمر إليه ، وخشوا بعُده وطرده . قال الإمام الفخر : اعلم أنَّ العبد مُركَّب من جسد وروح ، فجَنّة الجسد هي الموصوفة في القرآن ، وجنة الروح هي رضا الرب . والأُولى مبدأ أمره ، والثانية منتهى أمره . وقال الورتجبي : عن الواسطي : الرضا والسخط نعتان قديمان ، يجريان على الأبد بما جرى في الأزل ، يظهران الوسْم على المقبولين والمطرودين . فقد بانت شواهد المقبولين بضيائها عليهم ، كما بانت شواهد المطرودين بظلمتها عليهم . ثم قال عن سهل : الخشية سر والخشوع ظاهر . هـ . فالخشية محلها البواطن ، والخشوع ظهور أثر الخشية في الظاهر . وبالله التوفيق ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه .