Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 1, Ayat: 5-5)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة : قرأ ابن كثير في رواية ابن مجاهد عن قنبل والكسائي من طريق ابن حمدون ويعقوب من طريق رويس بالسين . وكذلك في سراط ، في جميع القرآن . الباقون بالصاد واشم الصاد زا يا حمزة في الموضوعين ، خاصة في رواية علي بن سالم ، وفي رواية الدوري وخلاد اشمامها الزاي ما كان فيه الف ولام . واما الصاد اذا سكنت وكان بعدها دال نحو : يصدر ، وفاصدع ، ويصدفون ، فاشم الصاد الزاي حيث وقع ، حمزة والكسائى وخلف ورويس . الأعراب { اهدنا } : مبني على الوقف لانه امر ، والهمزة مكسورة لأن ثالث المضارع منه مكسور في نحو يهدي . وموضع النون والألف من اهدنا ، نصب لأنه مفعول به والصراط منصوب لأنه مفعول ثان . فمن قرأ بالسين فلأنه الأصل ، من غير سبب يمنع منه ، ومن قرأ باشمام الزاي ، فللمؤاخاة بين السين والطاء بحرف مجهور من مخرج السين وهو الزاء من غير ابطال للأصل ومن قرأ بالصاد بين الصاد والطاء بالاستعلاء والاطباق . والقراءة بالصاد احسن لأن فيها جمعاً بين المتشاكلين في المسموع . اللغة والتفسير ومعنى اهدنا يحتمل امرين : احدهما ارشدنا . كما قال طرفة . @ للفتى عقل يعيش به حيث يهدي ساقه قدمه @@ والثاني وفقنا كما قال الشاعر : @ فلا تعجلن هداك المليك فان لكل مقام مقالا @@ أي وفقك . والآية تدل على بطلان قول من يقول : لا يجوز الدعاء بأن يفعل الله ما يعلم أنه يفعله لأنه عبث ، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان عالماً بأن الله يهديه الصراط المستقيم ، وانه قد فعل ذلك ، ومع ذلك كان يدعو به . وقد تكون الهداية بمعنى أن يفعل بهم اللطف الذي يدعوهم إلى فعل الطاعة ، والهدى يكون ايضاً بمعنى العلم لصاحبه لأنه مهتد على وجه المدح . والهدى يكون ان يهديه إلى طريق الجنة ، كما قال الله تعالى : { وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا } ، وأصل الهداية في اللغة الدلالة على طريق الرشد فان قيل : ما معنى المسأله في ذلك وقد هداهم الله الصراط المستقيم ، ومعلوم أن الله تعالى يفعل بهم ما هو أصلح لهم في دينهم ؟ قيل : يجوز أن يكون ذلك عبادة وانقطاعاً إليه تعالى كما قال : { رب احكم بالحق } وإن علمنا أنه لا يحكم إلا بالحق ، ويكون لنا في ذلك مصلحة كسائر العبادات ، وكما تعبّدنا بأن نكرر تسبيحه وتحميده والاقرار بتوحيده ولرسوله بالصدق ، وإن كنا معتقدين لجميع ذلك . ويجوز أن يكون المراد بذلك الزيادة في الألطاف كما قال تعالى : { والذين اهتدوا زدناهم هدى } وقال : { يهدي به الله من اتبع رضوانه } ويجوز أن يكون الله تعالى يعلم أن أشياء كثيرة تكون أصلح لنا ، وأنفع لنا إذا سألناه ، وإذا لم نسأله لا يكون ذلك مصلحة ، وكان ذلك وجهاً في حسن المصلحة . ويجوز أن يكون المراد استمرار التكليف والتعريض للثواب ، لأن إدامته ليست بواجبة بل هو تفضل محض جاز أن يرغب فيه بالدعاء . ويلزم المخالف أن يقال له : إذا كان الله تعالى قد علم أنه يفعل ذلك لا محالة فما معنى سؤاله ما علم أنه يفعله ، فما أجابوا به فهو جوابنا . والصراط المستقيم هو الدين الحق الذي أمر الله به من توحيده ، وعد له ، وولاية من أوجب طاعته . قال جرير : @ أميرالمؤمنين على صراط إذا اعوج الموارد مستقيم @@ أي على طريق واضح . وقال الشاعر : @ فصد عن نهج السراط الواضح @@ وقيل : إنه مشتق من " مسترط " الطعام ، وهو ممره في الحلق ، والصاد لغة قريش ؛ وهي اللغة الجيدة ، وعامة العرب يجعلونها سينا ، والزاي لغة لعذرة ، وكعب وبني القين يقولون : أزدق ، فيجعلونها زاياً إذا سكنت . وأهل الحجاز يؤنثون الصراط كالطريق والسبيل والزقاق والسوق . وبنو تميم يذكرون هذا كله . وأصل الاستقامة التقويم والاستواء في جهة الانتصار وهو ضد الاعوجاج ، فمنه القيام والتقويم والتقوّم ، ومنه المقاومة ، لأنه بمنزلة المماثلة بما هو كالاستواء . وتقاوموا في الأمر إذا تماثلوا والاستقامة المرور في جهة واحدة . وقيل في معنى قوله : { الصراط المستقيم } وجوه : أحدها إنه كتاب الله ، وروي ذلك عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وعن علي عليه السلام وابن مسعود . والثاني انه الاسلام ، حكي ذلك عن جابر وابن عباس . والثالث انه دين الله عز وجل الذي لا يقبل من العباد غيره . والرابع انه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والأئمة ( ع ) القائمون مقامه صلوات الله عليهم ، وهو المروي في أخبارنا . التفسير والأولى حمل الآية على عمومها لأنا إذا حملناها على العموم دخل جميع ذلك فيه فالتخصيص لا معنى له .