Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 22-22)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن عامر وابو جعفر { ينشركم } بالنون والشين من النشر . الباقون بالياء والسين وتشديد الياء من التسيير . قال ابو علي : حجة ابن عامر أن { ينشركم } مثل قوله { وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء } فالبث تفريق ونشر . وحجة الباقين قوله { قل سيروا في الأرض } { فامشوا في مناكبها } فالمعنيان متقاربان . امتن الله على خلقه في هذه الآية وعدد نعمه التي يفعلها بهم في كل حال ، فقال { هو الذي يسيركم في البر والبحر } وتسييره إياهم اما في البحر ، فلأنه بالريح والله المحرك لها دون غيره ، فلذلك نسبه إلى نفسه ، واما في البر فلأنه كائن باقداره وتمكينه وتسبيبه ، فلذلك نسبه إلى نفسه . والتسيير التحريك في جهة تمتد كالسير الممدود ، والبر الأرض الواسعة التي تقطع من بلد إلى بلد ، ومنه البرّ لاتساع الخير به والبحر مستقر الماء الواسع حتى لا يرى من وسطه حافتاه وجمعه أبحر وبحور ، ويشبه به الجواد ، فيقال انما هو بحر لاتساع عطائه . وقوله { حتى إذا كنتم في الفلك } خص الخطاب براكبي البحر . والفلك السفن ، وسميت فلكا لدورانها في الماء ، وأصله الدور ، ومنه فلكة المغزل ، والفلك الذي تدور فيه النجوم . وتفلك ثدي الجارية اذا استدار . والفلك - ها هنا - جمع ، وقد يكون واحداً . كقوله { في الفلك المشحون } وقوله { وجرين بهم بريح طيبة } عدل عن الخطاب إلى الاخبار عن الغائب تصرفاً في الكلام مع انه خطاب لمن كان في تلك الحال وإخبار لغيره من الناس ، قال لبيد : @ باتت تشكي الي النفس مجهشة وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا @@ وقوله { وفرحوا بها } يعني بالريح الطيبة { جاءتها ريح عاصف } يعني ريحاً شديدة يقولون : عصفت الريح فهي عاصف وعاصفة ، ومنهم من يقول : أعصفت فهي معصف ومعصفة . والريح مؤنثة ، وانما قال عاصف ، لأنه لا يوصف بذلك غير الريح فجرى مجرى قولهم امرأة حائض ، قال الشاعر : @ حتى اذا عصفت ريح مزعزعة فيها قطار ورعد صوته زجل @@ وقوله { وجاءهم الموج من كل مكان } معناه جاء راكبي الفلك الأمواج العظيمة الهائلة من جميع الوجوه . { وظنوا أنهم أحيط بهم } أي ظنوا انهم هالكون لما أحاط بهم من الأمواج { دعوا الله مخلصين له الدين } اي عند هذه الشدائد والأهوال والتجؤا إلى الله ودعوه وجه الاخلاص ، ولم يذكروا الأوثان والاصنام لعلمهم بأنها لا تنفع ها هنا شيئاً وقالوا { لئن أنجيتنا } يارب من هذه الشدة { لنكونن } من جملة من يشكرك لنعمك ، ويقوم بآدابها . ويقال لمن اشرف على الهلاك أحيط به ، ومنه قوله { وأحيط بثمره } أي اهلكت .