Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 2-2)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي { لساحر مبين } بألف . الباقون بغير ألف . قال أبو علي الفارسي : يدل على ساحر قوله { وقال الكافرون هذا ساحر كذاب } ويدل على " سحر " قوله { ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون } والقول في الوجهين أنه قد تقدم قوله { أن أوحينا إلى رجل منهم } فمن قال " ساحر " أراد به الرجل ومن قال " سحر " أراد الذي أوحي " سحر " أي الذي يقول أنه وحي " سحر " وليس بوحي . ومعنى قوله { أكان للناس عجباً } أكان أيحاؤنا القرآن إلى رجل منهم عجباً ؟ وإنذارهم عقاب الله على معاصيه كأنهم لم يعلموا أن الله قد أوحى من قبله إلى مثله من البشر ، فعجبوا من وحينا اليه الآن ؟ فالألف ألف استفهام والمراد به الانكار . وقال ابن عباس ومجاهد وابن جريح : عجبت العرب وقريش أن يبعث الله منهم نبياً فأنزل الله الآية . وقال الحسن : معنا ليس بعجب ما فعلنا في ذلك . والمعنى ألم يبعث الله رسولا من أهل البادية ولا من الجن ولا من الانس . والعجب تغير النفس بما لا يعرف سببه مما خرج عن العادة إلى ما يجوز كونه . والانذار هو الاخبار على وجه التخويف ، فمن حذر من معاصي الله فهو منذر . وهذه صفة النبي صلى الله عليه وآله . وقوله { أن أوحينا } في موضع رفع وتقديره أكان للناس عجباً وحينا و { أن أنذر } في موضع نصب ، وتقديره وحينا بأن أنذر ، فحذف الجار فصار موضعه نصباً ، و { أن لهم } نصب بقوله { وبشر الذين آمنوا } ولو قرئ بالكسر كان جائزاً لأن البشارة هي القول إلا أنه لم يقرأ به . وقوله { وبشر الذين آمنوا } أمر للنبي صلى الله عليه وآله أن يبشر المؤمنين ، وهو أن يعرّفهم ما فيه السرور بالخلود في نعيم الجنة على وجه الاكرام والاجلال بالأعمال الصالحة . وقوله { أن لهم قدم صدق عند ربهم } معناه ان لهم سابقة إخلاص الطاعة كاخلاص الصدق من شائب الكذب . وقالوا : له قدم في الاسلام ، والجاهلية . وهو كالقدم في سبيل الله ، قال حسان : @ لنا القدم العليا اليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع @@ وقال ذو الرمة : @ لكم قدم لا ينكر الناس أنها مع الحسب العادي طمّت على البحر @@ وقال أبو سعيد الخدري وأبو عبد الله عليه السلام : معناه إن محمّداً صلى الله عليه وآله لهم شفيع يوم القيامة ، وهو المروي عن ابي عبد الله عليه السلام . وقال مجاهد : معناه لهم قدم خير بأعمالهم الصالحة . وقال قتادة : معناه لهم سلف صدق . وقال الضحاك : لهم ثواب صدق . وقال ابن عباس : لهم ما قدموه من الطاعات . وقوله { قال الكافرون إن هذا لساحر مبين } حكاية عن الكفار أنهم يقولون إن النبي ساحر مظهر ، أو ما إتى به سحر مبين على اختلاف القراءات . والسحر فعل يخفى وجه الحيلة فيه حتى يتوهم أنه معجز . والعمل بالسحر كفر لادعاء المعجزة به ، ولا يمكن مع ذلك معرفة النبوة . وقال الزجاج : المراد بـ { الناس } في الآية أهل مكة . وقيل إنهم قالوا : لم يجد الله من يبعثه رسولا إلا يتيم أبي طالب ؟ !