Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 58-58)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الحسن { فلتفرحوا } بالتاء . وبه قرأ ابو جعفر المدني ورويس وروي ذلك عن أبي بن كعب . الباقون بالياء . وكان الكسائي يعيب القراءة بالتاء وأجازها الفراء واحتج بقولهم : لتأخذوا مصافكم . واللام في قوله { فليفرحوا } لام الامر وإنما احتيج اليها ليؤمر الغائب بها . وقد يجوز أن يقع في الخطاب للتصرف في الكلام . وقرأ أبو جعفر وابن عامر ورويس { تجمعون } بالتاء . الباقون بالياء . قال ابو علي : الجار في قوله { فبذلك } يتعلق بقوله { فليفرحوا } لان هذا الفعل يصل به قال الشاعر : @ فرحت بما قد كان من سيديكما @@ والفاء في قوله { فبذلك فليفرحوا } زائدة لأن المعنى فافرحوا بذلك ومثله قول الشاعر : @ فاذا هلكت فعند ذلك فاجزعي @@ فالفاء في قوله فاجزعي زيادة مثل التي في { فليفرحوا } وقال الفراء { فبذلك } بدل من قوله { بفضل الله وبرحمته } . ومن قرأ بالياء جعله أمراً للغائب ، واللام انما تدخل على فعل الغائب لان المواجهة استغني فيها عن اللام بقولهم ( افعل ) فصار مشبهاً للماضي في قولك ( يدع ) الذي استغني عنه بـ ( ترك ) ، ولو قلت بالتاء لكنت مستعملا لما هو كالمرفوض ، وان كان الاصل . ولا يرجح القراءة بالتاء لكونها هي الاصل لانه اصل مرفوض . ومن قرأ بالتاء اعتبر الخطاب الذي قبله من قوله { قد جاءتكم موعظة … فلتفرحوا } وزعموا أنها في قراءة ابي فافرحوا قال ابو الحسن : وزعموا انها لغة وهي قليلة بمعنى لتضرب ، وانت تخاطب . فان قيل : كيف جاء الامر للمؤمنين بالفرح ، وقد ذم الله ذلك في مواضع من القرآن كقوله { إن الله لا يحب الفرحين } وقال { إنه لفرح فخور } وغير ذلك ؟ . قيل : اكثر ما جاء مقترناً بالذم من ذلك ما كان مطلقاً ، فاذا قيد لم يكن ذماً كقوله { يرزقون فرحين } وفي الاية مقيد بذلك . فأما قوله { فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله } فانه مقيد ومع ذلك فهو مذموم ، لكنه مقيد بما يقتضي الذم ، كما جاء مقيداً بما لا يقتضي الذم وإن قيد بما يقتضي ومقيده بحسب ما يقيد به ، فان قيد بما يقتضي الذم ، أفاد الذم وإن قيد بما يقتضي المدح أفاد المدح . فأما قوله { فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم } وقوله { ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله } والفرح بنصر الله للمؤمنين محمود ، كان ان القعود عن رسول الله بالتقييد في الموضعين مذموم . امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين افرحوا بفضل الله ، وهو زيادة نعمه وانما جاز أن يقول : فضل الله ، وانما هو من افضال الله ، لانه في موضع افضال ، كما ان النبات في موضع إنبات في قوله { أنبتكم من الأرض نباتاً } وايضاً فان اضافة الفضل إلى الله بمعنى الملك كما يضاف العبد اليه بمعنى انه مالك له . والفرح لذة في القلب بادراك ما يحب ، وان شئت قلت : هو لذة في القلب بنيل المشتهى ، وقد حسنه الله في هذه الاية فدل على انه لا يحب الفرحين بمعنى البطرين . وقوله { هو خير مما يجمعون } قيل فضل الله هو القرآن ، ورحمته هو الاسلام { خير مما يجمعون } من الذهب والفضة . ذكره ابن عباس وابو سعيد الخدري والحسن وقتادة ومجاهد . ومن قرأ بالياء عنى به المخاطبين والغيب ، غير أنه غلب الغيّب على المخاطبين ، كما غلب التذكير على التأنيث ، فكأنه أراد به المؤمنين وغيرهم . ومن قرأ بالتاء كان المعنى فافرحوا بذلك ايها المؤمنون اي افرحوا بفضل الله ، فان ما آتاكموه من الموعظة شفاء ما في الصدور خير مما يجمع غيركم من اعراض الدنيا . وقال ابو جعفر عليه السلام { بفضل الله } يعني الاقرار برسول الله و { برحمته } الائتمام بعلي عليه السلام { خير مما } يجمع هؤلاء من الذهب والفضة . وإذا حملت الاية على عمومها كان هذا ايضاً داخلا فيها .