Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 89-89)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
حكى الله تعالى أنه اجاب موسى وهارون ، فقال لهما { قد أجيبت دعوتكما } والجواب موافقة للدعوة فيما طلب بها لوقوعها على تلك الصفة . فالله تعالى يجيب الدعاء إذا وقع بشروط الحكمة . واختلفوا في هل يجوز أن يجيب الله تعالى دعوة الكافر أم لا ؟ فقال ابو علي الجبائي : لا يجوز لان اجابته إكرام له كما يقولون : فلان مجاب الدعوة اي هو رجل صالح . والكافر ليس بهذه المنزلة . وقال ابو بكر بن الاخشاد : يجوز ذلك إذا كان فيه ضرب من المصلحة . والاجابة قد تكون من الاعلى للادون من غير ترغيب المدعو . والطاعة لا تكون إلا من الادنى للاعلى . ولا يجوز عند اكثر المحصلين ان يدعو نبي على قومه من غير إذن سمعي ، لانه لا يأمن أن يكون منهم من يتوب مع اللطف في التبقية ، فلايجاب . ويكون ذلك فتنة . والدعوة طلب الفعل بصيغة الامر وقد يدعى بصيغة الماضي كقولك : غفر الله لك واحسن اليك ، وجزاك الله خيراً . وإنما قال { أجيبت دعوتكما } والداعي موسى لان دعاء موسى كان مع تأمين هارون - على ما قاله الربيع وابن زيد وعكرمة ومحمد بن كعب وأبو العالية - والمؤّمن داع ، لان المعنى في التأمين اللهم اجب هذا الدعاء . وقوله { فاستقيما } امر منه تعالى لهما بالاستقامة في دعائهما لفرعون وقومه على ما أمرتكما به ولا تتبعا سبيل الجاهلين لوعدي ووعيدي فانه لا خلف له . وقال ابن جريح : مكث فرعون بعد هذه الامور اربعين سنة . وقوله { ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون } نهي منه تعالى لموسى وهارون أن يتبعا طريقة من لا يؤمن بالله ولا يعرفه . وقرأ ابن عامر وحده { ولا تتبعان } مخففة النون الا الداحواني عن هشام ، فانه خير بين تخفيفها وتشديدها . وقرأ ابن عامر وحده { ولا تتبعان } ساكنة التاء مخففة مشددة النون . وفي قراءة الاخفش الدمشقي عن ابن عامر بتخفيف التاء والنون . الباقون بتشديد التاء والنون . قال ابو علي النحوي : من شدد النون فلأن هذه النون الثقيلة إذا دخلت على ( تفعل ) فتح لام الفعل ، لدخولها وبني الفعل معها على الفتح نحو ( لتفعلن ) وحذفت النون التي تثبت في ( تفعلان ) في حال الرفع مع النون الشديدة ، وحذف الضم في ( لتفعلن ) ، وإنما كسرت الشديدة بعد ألف التثنية . لوقوعها بعد الف التثنية ، فاشبهت التى تلحق الألف في رجلان ، لما كانت في هذه مثلها ، ودخلت لمعنى كدخولها ، ولم يعتد بالنون قبلها ، لانها ساكنة ، ولانها خفيفة فصارت المكسورة كأنها وليت الألف . ومن خفف النون يحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة كما خففوا ( رب ) و ( ان ) ونحوهما ، وحذفوا الاولى من المثلين كما أبدلوا الاولى من المثلين في نحو ( قيراط ودينار ) ولان اصلهما ( قرّاط ودّنار ) فأبدلوا من إحدى النونين ياء . ويحتمل ان يكون حالا من قوله { فاستقيما } وتقديره فاستقيما غير متبعين . ويحتمل ان يكون على لفظ الخبر والمراد به الامر .