Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 25-26)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة { إني } بكسر الهمزة . الباقون بفتحها . قال أبو علي النحوي . من فتحها حملها على { أرسلنا } أي أرسلناه بأني لكم ولم يقل إنه ، لأنه انتقل عن الغيبة إلى الخطاب ، ومثله كثير ، قال الله تعالى { وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة } ثم قال بعده { فخذها بقوة } فكذلك الآية . ومن كسر يضمر القول قبلها كأنه قال : أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال : إني لكم نذير ، ومثله كثير ، قال الله تعالى { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } اي يقولون : سلام عليكم ، وقوله تعالى { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } أي قالوا : ما نعبدهم ، ويكون الكلام على ظاهره لم يرجع من الغيبة إلى الخطاب . وليس لأحد أن يرجع القراءة بالفتح من حيث أن ما بعده من قوله { أن لا تعبدوا إلا الله } محمول على الارسال ، فاذا فتحت كان أشكل بما بعدها لحملهما جميعاً على الارسال . وذلك أن من كسر حمل قوله { إني لكم } وما بعده على الاعتراض بين المفعول وما يتصل به مما بعده ، كما أن قوله { إن الهدى هدى الله } اعتراض بينهما في قوله { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم } فكذلك قوله { إني لكم نذير مبين } لان التقدير ولقد أرسلنا نوحاً لانذار أن لا تعبدوا الا الله إني أنذركم لتوحدوا الله وأن تتركوا عبادة غيره . أقسم الله تعالى في هذه الآية أنه أرسل نوحاً وأمره أن يقول لهم : إني مؤد عن الله ومخوفكم من عقابه وترك طاعاته ، لأن اللام في قوله { لقد } لام القسم ، وهي تدخل على الفعل والحرف الذي يختص بالفعل مما يصح معناه معه ، ولام الابتداء للاسم خاصة . ومعنى ( قد ) وقوع الخبر على وجه التقريب من الحال تقول : قد ركب الامير - لقوم يتوقعون ركوبه - . وقوله { أن لا تعبدوا إلا الله } يحتمل أن يكون موضع { تعبدوا } من الاعراب نصباً ، والمعنى أن لا تعبدوا الا الله ، ويجوز أن يكون موضعه جزماً على تقدير أي لا تعبدوا . ويحتمل أن يكون متعلقاً بقوله { أرسلنا } وتقديره أرسلنا بأن لا تعبدوا الا الله ، على ما بينا من الاعتراض وحملها جميعاً على الارسال . وقوله { إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم } أي مؤلم عذابه وانما قال عذاب يوم اليم بالجر ومعناه مؤلم ، لأن الألم يقع في اليوم ، فكأنه سبب الألم . ولو نصبته على أن يكون صفة للعذاب كان جائزاً ، ولم يقرأ به أحد . وانما بدئ بالدعاء إلى العبادة دون سائر الطاعات ، لأنها أهم ما يدعى اليه من خالف الحق فيه ولأنه يجب أن يفعل كل واحدة من الطاعات على وجه الاخلاص والعبادة فيها لله . وانما قال { إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم } مع أن عذاب الكافر معلوم لأنه يخاف ما لم يعلم ما يؤل اليه أمرهم من ايمان أو كفر ، وهذا لطف في الاستدعاء وأقرب إلى الاجابة في غالب أمر الناس .