Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 27-27)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أبو عمرو { بادئ الرأي } بالهمز في بادي . الباقون بلا همز . قال ابو علي : حدثنا محمد بن السدّي أن اللحياني قال : يقال : أنت بادي الرأي تريد ظلمنا لا يهمز ( بادي ) وبادئ الرأي مهموز . فمن لم يهمز أراد أنت أول الرأي ومبتدؤه وهما في القرآن . وقال أبو علي : من قال ( بادي الرأي ) بلا همز جعله من بدو الشيء وهو ظهوره ، وما اتبعك إلا أراذل فيما ظهر لهم من الرأي اي لم يفعلوه بنظر فيه ولا بتبين له . ومن همز أراد اتبعوك في أول الامر من غير فكر فيه ولا روية ، والقراءتان متقاربتان ، لأن الهمز في اللام منها ابتداء الشيء وأوله وابتداء الشيء يكون ظهوراً ، وان كان الشيء الظاهر قد يكون مبتدأ وغير مبتدأ ، فلذلك يستعمل كل واحد منهما مكان الآخر يقولون : انا بادي بدا وبادئ بدء ، فاني أحمد الله . أخبر الله تعالى في هذه الآية عن جماعة الرؤساء من قوم نوح الذين كفروا وجحدوا نبوته أنهم قالوا له { ما نراك إلا بشراً مثلنا } والبشر مأخوذ من ظهور البشرة ، لأن الغالب على الحيوان غير الانسان أن يلبس البشرة منه بالصوف أو الشعر أو الريش أو الصدف . والانسان مأخوذ من النسيان ، لأنهم يصغرونه إنيسيان ويجوز أن يكون من الأنسان الا أنهم زادوا الياء في التصغير . والمثل ما سد مسد غيره في الجنس بمعنى أنه لو ظهر للمشاهد لسد مسده كما يسد الاسود مسد الاسود في الجنس من غير فضل . وقوله { ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا } حكاية أيضاً عما قاله قوم نوح من أنه ما نرى من اتبعك الا أنه رذل خسيس حقير من جماعتنا تقول : رذل وجمعه أرذل ، وجمع الجمع أراذل مثل كلب وأكلب وأكالب والعامل في { الذين } قوله { اتبعك } كأنه قال ما اتبعك الا الذين هم أراذلنا ونراك ملغى ، ذكره الفراء . قال ابو علي النحوي : هو نصب على الحال ، والعامل فيه { اتبعك } وأخر الظرف وأوقع بعد { إلا } ولو كان غيره لم يجز ، لأن الظرف اتسع فيه في مواضع . ومعنى { بادئ الرأي } أول الرأي ما نراهم . والرأي والرؤية من قوله { يرونهم مثليهم رأي العين } وهو نصب على المصدر كقولك ضربته أول الضرب . وقال الزجاج : نصبه بـ { اتبعوك أول الرأي } من غير فكر كأنه قيل اتبعوك رأياً غير سديد ، ومن قرأ بادي الرأي بلا همز اراد ظاهر الرأي قال الشاعر : @ وقد علتني ذرأة بادي بدي وريثة تنهض في تشددي @@ وقال آخر : @ اضحى لخالي شبهي بادي بدي وصار للفحل لساني ويدي @@ وقوله { وما نرى لكم علينا من فضل } تمام الحكاية عن كفار قوم نوح وانهم قالوا لنوح : إنا لا نرى لك ولا مثالك علينا زيادة خير ، لأن الفضل هو زيادة الخير ، وانما قالوا ذلك ، لأنهم جهلوا في طريقة الاستدلال . وقوله { بل نظنكم كاذبين } ايضاً تمام الحكاية عن كفار قومه أنهم قالوا له ولمن آمن معه هذا القول .