Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 43-43)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

حكى الله تعالى في هذه الاية ما أجاب ابن نوح أباه عليه السلام فانه { قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء } أي سأرجع إلى مأوى من جبل يعصمني من الماء أي يمنعني منه ، يقال آوى يأوي أوياً إذا رجع إلى منزل يقيم فيه و ( العصمة ) المنع من الآفة والمعصوم في الدين الممنوع باللطف من فعل القبيح لا على وجه الحيلولة . فان قيل كيف دعا نوح ابنه إلى الوكوب معه في السفينة مع أن الله تعالى نهاه أن يركب فيها كافراً . قلنا : فيه جوابان : أحدهما - أنه دعاه إلى الركوب بشرط أن يؤمن . الثاني - قال الحسن والجبائي : انه كان ينافق باظهار الايمان . فان قيل : هلا كان ما صار اليه ابن نوح من تلك الحال الهائلة إلجاء ؟ . قلنا : لا . لان الالجاء لا يكون إلا بأحد شيئين : احدهما - بأن يخلق فيه العلم بأنه متى رام خلافه منع منه . الثاني - تتوفر الدواعي من ترغيب او ترهيب ، ولم يحصل له واحد من الأمرين ، لأنه جوز أن يكون من عجائب الزمان ، وأنه وقع إلى نوح علم به ، فتقدم فيه . وقوله { لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم } حكاية لما قال نوح لولده حين { قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء } بأنه لا مانع اليوم من أمر الله . واستثنى من رحم ، وقيل فيه ثلاثة اقوال : أحدها - أنه استثناء منقطع ، كأنه قال من رحم فانه معصوم . الثاني - لا عاصم إلا من رحمنا برحمة الله سبحانه لنا كأنه قال : لا عاصم إلا من عصمه الله فنجا ، وهو نوح عليه السلام ، وهو اختيار أبي علي النحوي . وقال : لانه يحتمل أن يكون { عاصم } بمعنى معصوم مثل دافق بمعنى مدفوق ، فيكون الاستثناء متصلا . وقال ابن كيسان : لما قال { لا عاصم } كان معناه لا معصوم ، لأن في نفي العاصم نفي المعصوم ثم قال { إلا من رحم } فاستثناه على المعنى ويكون متصلا . وقوله { وحال بينهما الموج } إخبار منه تعالى انه حال بين نوح وولده الموج ، { فكان من المغرقين } .