Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 52-52)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية عطف على ما قبلها ، وفيها حكاية ايضاً عما قال هود لقومه ، فانه ناداهم ، وقال { يا قوم استغفروا ربكم } اي اطلبوا منه المغفرة { ثم توبوا إليه } وانما قدم الاستغفار قبل التوبة ، لأَنه طلب المغفرة التي هي الغرض ، ثم بين ما به يتوصل اليها هو التوبة ، والغرض مقدم في النفس ، لان الحاجة اليه ثم السبب ، لأنه يحتاج اليه من اجله . وقيل ان ( ثم ) في الآية بمعنى الواو ، كما قال { خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها } وكان جعل الزوج منها قبل جميع البشر . وقبل ان المعنى استغفروا ربكم من الوجه الذي يصح ، من الايمان به وتصديق رسله ، والاقلاع عن معاصيه ، والتوبة من القبائح { ثم توبوا إليه } بمعنى استديموا على ذلك وجددوا التوبة بعد التوبة ، لئلا يكونوا مصرين . وكل ذلك جائز . وظاهر هذه الآية يقتضي أن الله تعالى يجعل الخير بالتوبة ترغيباً فيها ، لأنه وعد متى تاب العاصي يرسل السماء عليهم مدراراً وهو الدرر الكثير المتتابع على قدر الحاجة اليه دون الزائد المفسد المضر ، ونصبه على الحال . وروي انهم كانوا أجدبوا ، وانهم متى تابوا أخصبت بلادهم واثمرت اشجارهم وانزل عليهم الغيث الذي يعيشون به . و ( مفعال ) صفة للمبالغة كقولهم : منجار ، ومعطار ، ومغزار . ومثله { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } ولولا هذا الوعد لما وجب ذلك . واما الثواب على التوبة فمعلوم عقلاً . وقوله { ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين } معنا ان الله تعالى اذا تبتم { يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى } القوة التي فعلها فيكم ، ويجوز ان يريد بذلك تمكينهم من النعم التي ينتفعون بها ويلتذون باستعمالها ، فان ذلك يسمى قوة . وقوله { ولا تتولوا مجرمين } تمام الحكاية عنه انه قال لقومه لا تتولوا من عصا الله وترك عبادته .