Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 110-110)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { كذبوا } خفيفة بضم الكاف أهل الكوفة . الباقون مشددة بضم الكاف . وقرأ عاصم وابن عامر { فنجي من نشاء } بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء . الباقون بنونين على الاستقبال ، وهي في المصحف بنون واحدة . من قرأ { كذبوا } خفيفة ، فالمعنى إن الامم ظنت ان الرسل كذبوهم فيما أخبروهم به من نصر الله اياهم واهلاك اعدائهم ، ومثله قراءة من قرأ ، وان كان شاذاً " كذبوا " يعنى ان قومهم ظنوا ان الرسل كذبت فيما أخبرت به ، وهو قول ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد والضحاك . ومن قرأ بالتشديد حمل الظن على العلم ، والمعنى أيقن الرسل ان الامم كذبوهم تكذيباً عمهم حتى لا يفلح احد منهم ، وهو قول الحسن وقتادة وعائشة قال الشاعر : @ فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرّد @@ معناه ايقنوا ، فان قيل على الوجه الاول كيف يجوز ان يحمل الضمير على انه للمرسل اليهم والذين تقدم ذكرهم الرسل دون المرسل اليهم ، قيل ان ذلك لا يمتنع لان ذكر الرسل يدل على المرسل اليهم وقد قال الشاعر : @ امنك البرق ارقبه فهاجا فبتّ أخاله دهماً خلاجا @@ اي بتّ اخال الرعد صوت دهم ، فاضمر الرعد ولم يجر له ذكر لدلالة البرق عليه . وان قلت قد جرى لهم ذكر في قوله { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا } فيكون الضمير للذين من قبلهم من مكذبي الرسل كان جيداً ، ذكره ابو علي . ومن قرأ { فننجي } بنونين ، فعلى انه حكاية حال ، لان القصة كانت فيما مضى ، فانما حكى فعل الحال على ما كانت ، كما قال { وإن ربك ليحكم بينهم } حكاية الحال الكائنة ، ومثله { وكلبهم باسط ذراعيه } فلو لم يكن على الحال لم يعمل اسم الفاعل ، لانه إذا مضى اختص ، وصار معهوداً ، فخرج بذلك من شبه الفعل . واما النون الثانية من ( ننجي ) فهم مخفاة مع الجيم ، وكذلك النون مع جميع حروف الفم ، لا تكون الا مخفاة ، قال ابو عثمان المازني وتبيينها معها لحن . قال وللنون مع الحروف ثلاثة احوال : الادغام ، والاخفاء ، والبيان ، فهي تدغم مع ما يقارنها كما تدغم سائر المتقارنة . والاخفاء فيها مع حروف الفم التي لا تقارنها والبيان منها مع حروف الحلق ، وحذف النون الثانية من الخط يشبه ان يكون لكراهة اجتماع المثلين فيه . ومن ذهب الى ان الثانية مدغمة في الجيم ، فقد غلط ، لانها ليست بمثل للجيم ، ولا مقارنة له . ووجه قراءة عاصم انه اتى به على لفط الماضي ، لان القصة ماضية . وما رواه هبيرة عن عاصم بنونين ، وفتح الياء ، فهو غلط من الراوي ، كما قال ابن مجاهد ، وروى نصر بن علي عن أبيه عن ابي عمرو { فنجي } بنون واحدة ساكنة الياء خفيفة الجيم ، فهذا غلط ، لانا قد بيّنا انّ النون ، لا تدغم في الجيم ، لما بيناه . اخبر الله تعالى ان الرسل لما يئسوا من فلاح القوم وعلموا ان القوم لقوهم بالتكذيب ونسبوهم الى الكذب ، لان التكذيب نسبة القائل الى الكذب ، وضده التصديق والاستيئاس واليأس انقطاع الطمع { جاءهم نصرنا } اي أتاهم نصر الله باهلاك من كذبهم ولا يرد بأسنا فالبأس شدة الأمر على النفس يقال له بأس في الحرب والبئيس الشجاع لشدة أمره . ومنه البؤس الفقر والبائس الفقير { عن القوم المجرمين } يعني المخطئين الذين اقترفوا السيآت .