Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 18-18)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
حكى الله تعالى عن أخوة يوسف انهم جاؤا أباهم ، ومعهم قميص يوسف ملطخ بدم . وقالوا له هذا دم يوسف حين أكله الذئب . وقال ابن عباس ومجاهد كان دم سخلة ، قال الحسن : لما رأى يعقوب القميص صحيحاً ، قال : يا بني والله ما عهدت الذئب عليماً . قال عامر الشعبي : كان في قميص يوسف ثلاث آيات : احدها - حين ألقي على وجه أبيه ، فارتد بصيراً ، وحين قدّ من دبر ، وحين جاؤا على قميصه بدم كذب . ومعنى { كذب } مكذوب فيه ، كما قيل الليلة الهلال فيرفع ، وكما قال { فما ربحت تجارتهم } أي ما ربحوا في تجارتهم إلا انه وصف في المصدر ، وتقديره بدم ذي كذب ، لكن إذا بولغ في الصفة اجري على هذه الصفة ، وقال الفراء يجوز ان يكون المصدر وقع موقع مفعول ، كما يقع مفعول موقع المصدر في مثل قول الراعي القطامي : @ حتى اذا لم يتركوا لعظامه لحماً ولا لفؤاده معقولا @@ ولا يجيزه سيبويه ، ويقول مفعول لا يكون مصدرا ، ويتأول قولهم : خذ ميسوره ، ودع معسوره أي خذ ما يسر ودع ما عسر عليه ، وكذلك : ليس لفؤاده معقولاً أي ما يعقل به . وقوله { قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً } حكاية ما قال يعقوب لهم . والتسويل تزيين النفس ما ليس بحسن - في قول قتادة - وقيل معناه تقرير معنى في النفس على الطبع في تمامه ، وهو تقدير معنى في النفس على توهم تمامه . وقوله { فصبر جميل } فالصبر الجميل هو الصبر الذي لا شكوى فيه على ما يدعو إليه العقل ، ويحتمل رفع الصبر أمرين : احدهما - ان يكون خبر ابتداء وتقديره فأمري صبر جميل . الثاني - ان يكون مبتدأ ، وخبره محذوف ، وتقديره فصبر جميل أولى من الجزع الذي لا ينبغي لي ، قال الشاعر : @ يشكوا الي جملي طول السرى صبر جميل فكلانا مبتلى @@ ولو نصب لجاز ، ولكن الأحسن الرفع ، لأنه موصوف . وقوله { والله المستعان على ما تصفون } حكاية ما قال يعقوب عند ذلك ، بأن الله تعالى هو الذي يطلب منه المعونة على ما ذكروه ؛ وتقديره استعين بالله على احتمال ما تصفونه ، وعلى الصبر كله .