Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 76-76)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ يعقوب { يرفع درجات من يشاء } بالياء فيهما على وجه الكناية عن الله . الباقون بالنون فيهما على وجه الاخبار منه تعالى عن نفسه . ونوّن التاء من { درجات } اهل الكوفة . الباقون على الاضافة . اخبر الله تعالى ان يوسف أمر اصحابه بأن يفتشوا اوعيتهم ورحالاتهم ، وان يبدؤوا بأوعية الجماعة قبل وعاء أخيه ليكون ابعد من التهم ، فلما لم يجدوا فيها شيئاً امر حينئذ باستخراجها من وعاء أخيه . ثم اخبر الله تعالى انه كاد ليوسف ، والكيد التعريض للغيظ ، وكان التدبير على أخوة يوسف حتى اخذ منهم أخوهم بما يوجبه حكمهم ، هو كالتعريض للغيظ من جهة اغتمامهم بما نزل من ذلك الامر بهم . والتقدير كدنا اخوته له بما دبرنا في امره . وقيل الكيد التعريض للضرّ بما خفي ، وقد يعبر عن الجزاء على المعصية بالكيد ، كقوله { وأملي لهم أن كيدي متين } اي عقوبتي . وقوله { ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك } معناه إنه لم يكن يوسف ممن يأخذ اخاه على دين الملك في جزاء من سرق ان يستعبد قال الشاعر : @ تقول اذا درأت لها وضيني اهذا دينه ابداً وديني @@ اي هذا عادته ابداً وعادتي . وقوله { إلا أن يشاء الله } قال الحسن إنما قال ذلك لانه تعالى كان امره بذلك بدلالة قوله { نرفع درجات من نشاء } اي بما نريه من وجوه الصواب في بلوغ المراد . وقوله { وفوق كل ذي علم عليم } قيل في معناه قولان : احدهما - قال ابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير : معناه { وفوق كل ذي علم } معلم { عليم } وهو الله تعالى الغني بنفسه عن التعليم . والثاني - ان معناه { وفوق كل ذي علم } ممن رفعه الله { عليم } قد رفعه بالعلم من وجه آخر ، فهو أعلم بذلك الامر الآخر . وفي ذلك دلالة على أنه تعالى عالم لنفسه ، لأنه لو كان عالم بعلم ، لكان فوقه عليم ، وذلك باطل . والضمير في قوله تعالى { استخرجها } عائدة الى السقاية . وقال الزجاج هي عائدة الى الصواع وانه يذكر ويؤنث ، ومن قرأ { درجات من نشاء } على الاضافة ، فالمعنى نرفع منازل من نشاء رفع منازله ومراتبه في الدنيا بالعلم على غيره ، كما رفعنا مرتبة يوسف في ذلك على مراتب اخوته . ومن قرأ بتنوين { درجات } فالمعنى نرفع من نشاء درجات ومراتب كما رفعنا ليوسف ، فـ { من } منصوبة على هذه القراءة ، وعلى القراءة الاولى مخفوضة .