Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 16-16)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
آية في الكوفي وآيتان في البصري والمدنيين تمام الاولى " والنور " . قرأ أهل الكوفة إلا حفصاً { أم هل يستوي } بالياء . الباقون بالتاء ، من قرأ بالتاء فلانه مسند الى مؤنث لم يفصل بينه وبين فاعله بشيء كما قال { قالت الأعراب } و { قالت اليهود } و { وإذا قالت أمة } وقد جاء في مثل ذلك التذكير ، كقوله { وقال نسوة } ومن قرأ بالياء ، فلانه تأنيث غير حقيقي والفعل مقدّم . هذا خطاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ، يأمره بأن يقول لهؤلاء الكفار { من رب السماوات والأرض } أي من مدبرهما ومصرّفهما على ما فيهما من العجائب ، فانهم لا يمكنهم أن يدّعوا أنَّ مدبر السماوات والارض الاصنام التي يعبدونها ، فاذا لم يمكنهم ذلك ، فقل لهم رب السماوات والارض وما بينهما من انواع الحيوان والنبات والجماد { الله } تعالى ، فاذا أقروا بذلك فقل لهم على وجه التبكيت لهم والتوبيخ لفعلهم : أفاتّخذتم من دون الله اولياء توجهون عبادتكم اليهم ؟ ! فالصورة صورة الاستفهام والمراد به التقريع والتوبيخ . ثم بين ان هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من الاصنام والاوثان لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ، ومن لا يملك لنفسه ذلك فانه بأن لا يملك لغيره اولى وأحرى ، ومن كان كذلك كيف يستحق العبادة ثم قال لهم { هل يستوي الأعمى والبصير } ام هل يتساوى الأعمى عن طريق الحق والعادل عنه الى الضلال . والبصير الذي اهتدى الى الحق ، فإنهما لا يتساويان ابداً ، كما لا يتساوى الظلمات والنور . ثم قال هل جعلوا يعني هؤلاء الكفار لله شركاء في العبادة خلقوا أفعالاً مثل خلق الله ، من خلق الأجسام والألوان والطعوم والاراجيح ، والموت والحياة ، والشهوة والنفار ، وغير ذلك من الافعال التي مختص تعالى بالقدرة عليها فاشتبه ذلك عليهم ، فظنوا انها تستحق العبادة ، لان افعالها مثل افعال الله ، فاذا لم يكن ذلك شبيهاً بل كان معلوماً لهم ان جميع ذلك ليست من جهة الاصنام ، فقل لهم الله خالق كل شيء اي هو خالق جميع ذلك يعني ما تقدم من الأفعال التي يستحق بها العبادة . وقوله { وهو الواحد القهار } اي الخالق لذلك واحد لا ثاني له وهو الذي يقهر كل قادر سواه لا يقدر على امتناعه منه . ومن تعلق من المجبرة بقوله { قل الله خالق كل شيء } على ان أفعال العباد مخلوقة لله ، فقد أبعد ، لان المراد بذلك ما قدمناه من أنه تعالى خالق كل شيء يستحق بخلقه العبادة دون ما لا يستحق به ذلك . ولو كان المراد ما قالوه لكان فيه حجة للخلق على الله تعالى وبطل التوبيخ الذي تضمنته الآية الى من وجه عبادته الى الاصنام ، لانه إذا كان الخالق لعبادتهم الاصنام هو الله على قول المجبرة فلا توبيخ يتوجه على الكفار ، ولا لوم يلحقهم بل لهم ان يقولوا : إِنك خلقت فينا ذلك فما ذنبنا فيه ولم توبخنا على فعل فعلته ؟ فتبطل حينئذ فائدة الآية . على أنه تعالى إِنما نفى ان يكون أحد يخلق مثل خلقه ، ونحن لا نقول إِن احداً يخلق مثل خلق الله ، لان خلق الله اختراع مبتدع ، وافعال غيره مفعولة في محل القدرة عليه مباشراً او متولداً في غيره بسبب حال في محل القدرة ولا يقدر أحدنا على اختراع الافعال في غيره على وجه من الوجوه ، ولان احدنا يفعل ما يجرّ به نفعاً او يدفع به ضرراً ، والله تعالى لا يفعل لذلك فبان الفرق بين خلقنا وخلقه . ولان احدنا يفعل بقدرة محدثة . يفعلها الله فيه والله تعالى يفعل ، لانه قادر لنفسه . وايضاً فان ه هنا اجناساً لا نقدر عليها ، وهو تعالى قادر على جميع الاجناس ، ونحن لا نقدر ان نفعل بقدرة واحدة في وقت واحد في محل واحد من جنس واحد اكثر من جزء واحد ، والله تعالى يقدر ان يفعل ما لا نهاية له فبان الفرق بيننا وبينه من هذه الوجوه .