Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 19-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

آيتان في الكوفي والمدني تمام الأولى { خلق جديد } وآية عند الباقين . قرأ حمزة والكسائي { خالق السماوات } على اسم الفاعل . الباقون { خلق } على ( فعل ) ماض . قال ابو علي : من قرأ " خلق " فلان ذلك ماض فأخبر عنه بلفظ الماضي ، ومن قرأ " خالق " جعله مثل { فاطر السماوات والأرض } بمعنى خالق . ومثله قوله { فالق الإصباح وجعل الليل سكناً } لانهما فُعلا . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ويعني به الأمة بدلالة قوله { إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } ألم تعلم ؛ لان الرؤية تكون بمعنى العلم ، كما تكون بمعنى الادراك بالبصر وها هنا لا يمكن ان تكون بمعنى الرؤية بالبصر ، لان ذلك لا يتعلق بأن الله خلق السموات والارض ، وإنما يعلم ذلك بدليل . وقوله { بالحق } والحق هو وضع الشيء في موضعه على ما تقتضيه الحكمة واذا جرى المعنى على ما هو له من الاشياء فهو حق ، واذا اجري على ما ليس هو له من الشيء فذلك باطل . والخلق فعل الشيء على تقدير وترتيب ، والخالق الفاعل على مقدار ما تدعو الحكم اليه لا يجوز عليه غير ذلك . وقوله { إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } خطاب للخلق واعلام لهم أنه قادر ان شاء ان يميت الخلق ويهلكهم ويجيء بدلهم خلقاً آخر جديداً . والاذهاب ابعاد الشيء عن الجهة التي كان عليها ، ولهذا قيل للاهلاك إِذهاب ، لانه ابعاد له عن حال الايجاد . والجديد المقطوع عنه العمل في ابتداء أمره قبل حال خلوّ فيه ، واصله القطع يقال : جدّه يجده جدّاً إذا قطعه ، والجدّ أب الأب ، لانقطاعه عن الولادة بالأب ، والجد ضد الهزل ، والجد الحظ . { وما ذلك على الله بعزيز } اخبار منه تعالى ان إِذهابكم وإِهلاككم والاتيان بخلق جديد ليس بممتنع على الله على وجه من الوجوه . والممتنع بقدرته : عزيز ، والممتنع بسعة مقدوره عزيز ، والممتنع بكبر نفسه عزيز . وفي الآية دلالة على ان من قدر على الانشاء قدر على الافناء إِذ كان مما لا يتغير حكم القادر ، ولا شيء مما يحتاج اليه في الفعل ، لان من قدر على البناء ، فهو على الهدم أقدر ، فمن كان قادراً على اختراع السماء والارض وما بينهما فهو قادر على إِذهاب الخلق وإِهلاكهم .