Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 22-22)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة وحده { بمصرخيّ } بكسر الياء . الباقون بفتحها . قال ابو علي : قال الفراء - في كتابه في التصريف : قرأ به الاعمش ، ويحيى ابن وثاب ، قال وزعم القاسم بن معن أنه صواب ، وكان ثقة بصيراً ، وزعم قطرب أنه لغة في بني يربوع ، يزيدون على ياء الاضافة ياء وانشد : @ ماض اذا ما همّ بالمضيّ قال لها هل لك يا ماميّ @@ وانشد ذلك الفراء ، وقال الزجاج : هذا الشعر لا يلتفت اليه ، ولا هو مما يعرف قائله ، قال الرماني : الكسر لا يجوز عند اكثر النحويين ، واجازه الفراء على ضعف ، قال ابو علي : وجه جوازه من القياس أن الياء ليست تخلو : أن تكون في موضع نصب او جر ، فالياء في النصب والجر كالهاء في ( هما ) وكالكاف في اكرمتك وهذا لك ، فكما ان ( الهاء ) قد لحقتها الزيادة في هداكه وضربه ، ولحق الكاف الزيادة في قولهم اعطيتكه او اعطيتكاه فيما حكاه سيبويه ، وهما اختا الياء كذلك ألحقوا الياء الزيادة ، فقالوا : فيِّ ، ثم حذفت الياء الزيادة على الياء ، كما حذفت الزيادة من ( الهاء ) في قول من قال : له أرقان . قال ابو الحسن هي لغة ، فكما حذفت الزيادة من الكاف ، فقال في ( اعطيتكيه ، اعطيتكه ) كذلك حذفت الياء اللاحقة الياء ، كما حذفت من اختيها ، وأقرت الكسرة التي كانت تلي الياء المحذوفة فبقيت الياء على ما كانت عليه من الكسرة ، وكما لحقت الكاف والهاء الزيادة ، كذلك لحقت الياء الزيادة ، فلحاق الياء الزيادة نحو ما أنشد من قول الشاعر : @ رميتيه فأصميت وما أخطأت الرمية @@ فاذا كانت هذه الكسرة في الياء على هذه اللغة . وإِن كان غيرها أفشى منها . وعضده من القياس ما ذكرنا لم يجز لقائل ان يقول : إِن قراءة القراء بذلك لحن يجوز ، لاستقامة ذلك سماعاً وقياساً . اخبر الله تعالى في هذه الآية ان الشيطان يوم القيامة يقول لأوليائه الذين اتبعوه : { إن الله وعدكم وعد الحق } من الثواب والعقاب { ووعدتكم } انا بالخلاص من العقاب بارتكاب المعاصي ، وقد خالفت وعدي { وما كان لي عليكم من سلطان } اي لم يكن لي عليكم حجة ، ولا برهان اكثر من ان دعوتكم الى الضلال وأغويتكم ، فأجبتموني واتبعتموني { فلا تلوموني } في ذلك { ولوموا أنفسكم } بارتكاب المعاصي وخلافكم الله وترككم ما امركم به { ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي } يقال : استصرخني فأصرخته ، اي استغاثني فأغثته ، فالاصراخ الاغاثة . والمعنى ما انا بمغيثكم وما انتم بمغيثيّ { إِني كفرت بما اشركتموني من قبل } حكاية عن قول الشيطان لأوليائه انه يقول لهم { إني كفرت } بشرككم بالله ومتابعتكم لي قبل هذا اليوم . ثم اخبر تعالى { إِن الظالمين } الكافرين { لهم عذاب اليم } مؤلم شديد الالم ، ويصح ان يلوم الانسان نفسه على الاساءة ، كما يصح حمدها على الاحسان قال الشاعر : @ صحبتك إِذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي ألومها @@ قال الجبائي : وفي الآية دلالة على ان الشيطان لا يقدر على الاضرار بالإنسان اكثر من إِغوائه ودعائه الى المعاصي ، فأما بغير ذلك فلا يقدر عليه ، لأنه اخبر بذلك ، ويجب ان يكون صادقاً ، لأن الآخرة لا يقع فيها من احد قبيح لكونهم ملجئين الى تركه .