Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 23-25)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثلاث آيات في الكوفي والبصري تمام الثانية { في السماء } وآيتان في الباقي . اخبر الله تعالى في هذه الآية ان الذين يؤمنون به ، ويصدقون بوحدانيته ، ويعترفون بنبوّة انبيائه ويعملون بما دعاهم اليه من الطاعات والاعمال الصالحات يدخلهم الله يوم القيامة جنات من صفتها انها تجري من تحتها الانهار ، لان الجنة البستان الذي يجنه الشجر ، فالانهار تجري من تحت الاشجار ، وقيل انهار الجنة في اخاديد في الارض { خالدين فيها } اي مؤبدين فيها دائمين , ونصبه على الحال من حيث انها تدوم لهم { بإِذن ربهم } اي بأمر ربهم واطلاقه ، يخلدون فيها , ويكون تحية بعضهم لبعض في الجنة { سلام } . والتحية التلقي بالكرامة في المخاطبة ، كقولك احياك الله حياة طيبة ، سلام عليك ، وما أشبه ذلك تبشيراً لهم بدوام السلامة . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء } انما ضرب المثل بالكلمة الطيبة للدعاء اليها في كل باب يحتاج الى العمل عليه ، وفي كل باب من ابواب العلم . ومعنى { فرعها في السماء } مبالغة له في الرفعة ، فالأصل سافل ، والفرع عال ، إِلا أنه من الأصل يوصل الى الفرع . والاصل في باب العلم مشبه بأصل الشجرة التي تؤدي الى الثمرة التي هي فرع ذلك الاصل ، ويشبه بأصل الدرجة التي يترقى منها الى اعلى مرتبة . وروي انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الشجرة الطيبة هي النخلة . وقال ابن عباس : هي شجرة في الجنة . وقوله { تؤتي أكلها } اي تخرج هذه الشجرة الطيبة - وهي النخلة - ما يؤكل منها في كل حين . وقال ابن عباس - في رواية - يعني ستة اشهر الى صرام النخل ، وهو المروي عن ابي جعفر وابى عبد الله ( ع ) ، وبه قال سعيد بن جبير ، والحسن . وقال مجاهد وابن زيد : كل سنة . وقال سعيد بن المسيب : الحين شهران . وفي رواية اخرى عن ابن عباس : غدوة وعشية ، وقال قوم : من اكل النخلة : الطلع والرطب والبسر والتمر ، فهو دائم لا ينقطع على هذه الصفة ، وأهل اللغة يذهبون الى ان الحين هو الوقت ، قال النابغة : @ يبادرها الراقون من سوء سمها تطلقه حيناً وحيناً تراجع @@ كذا رواه الاصمعي و { مثلاً } منصوب بـ { ضرب } والتقدير ضرب الله كلمة طيبة مثلاً { بإِذن ربها } اي يخرج هذا الأكل في كل حين بأمر الله وخلقه اياه { ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } اخبار منه تعالى انه يضرب المثل للكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة في البادية والعاقبة ، لكي يتذكروا ويتفكروا فيه ويعتبروا به ، فيؤديهم ذلك الى دخول الجنة وحصول الثواب . وفائدة الآية ان الله ضرب للايمان مثلاً وللكفر مثلاً ، فجعل مثل المؤمن الشجرة الطيبة التي لا ينقطع نفعها وثمرها ، وهي النخلة ينتفع بها في كل وقت ، لا ينقطع نفعها البتة ، لأنه ينتفع بطلعها ، وبسرها ، ورطبها ، وتمرها ، وسعفها ، وليفها ، وخوصها ، وجذعها . ومثل الكافر بالشجرة الخبيثة وهي الحنظلة . وقيل الاكشوث لا إِنتفاع به ، ولا قرار له ولا أصل ، فكذلك الكفر لا نفع فيه ولا ثبات .