Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 37-38)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا حكاية ما دعا به ابراهيم ( ع ) ، فإِنه قال يارب { إني أسكنت من ذريتي } اي جعلت مأواهم ومقرهم الذي يقرون فيه ويسكنون اليه . والسكنى اتخاذ مأوى لصاحبه يسكن اليه في ليله ، ومتى يشاء من اوقاته ، اسكن البلدة والدار اذا جعله مأوى له ، ( والذرية ) جماعة الولد على تنسئته من حين يظهر الى ان يكبر ، والمراد بالذرية ها هنا : اسماعيل وامه هاجر حين اسكنه وادي مكة ، وهو الابطح ، ولم يذكر مفعول اسكنت ، لان ( من ) تفيد بعض القوم ، كما يقال : قتلنا من بني فلان ، واكلنا من الطعام ، وشربنا من الماء ، قال تعالى { أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله } فموضع ( من ) نصب والوادي سفح الجبل العظيم ومن ذلك قيل للانهار العظام اودية ، لان حافاتها كالجبال لها ، ومنه الدّية ، لانها مال عظيم يتحمل في امر عظيم من قتل النفس المحرمة . { غير ذي زرع } أي لا زرع في هذا الوادي أي لا نبات فيه ، والزرع كل نبات ينغرس من غير ساق ، وجمعه زروع { عند بيتك المحرم } معناه حرم فيه ما أحل في غيره من البيوت ، من الجماع ، والملابسة بشيء من الدم ، والنجاسة ، وانما أضاف البيت الى الله ، لأنه مالكه من غير ان يملكه احد سواه ، لأن ما عداه قد ملك غيره من العباد . وسماه بيتاً قبل ان يبنيه ابراهيم لأمرين : احدهما - انه لما كان المعلوم انه يبنيه فسماه ما يكون بيتاً . والثاني - قيل أنه كان البيت قبل ذلك ، وانما خربته طسم واندوس . وقيل انه رفع عند الطوفان الى السماء . وقوله { ربنا ليقيموا الصلاة } اي اسكنتهم هذا الوادي ليدوموا على الصلاة ويقيموها بشرائطها . { فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم } سؤال من ابراهيم ( ع ) ان يجعل الله تعالى قلوب الخلق تحن الى ذلك الموضع ، ليكون في ذلك انس ذريته بمن يرد من الوفود ويدرّ ارزاقهم على مرور الاوقات . { وارزقهم من الثمرات } مسألة منه ان يرزق ذريته من انواع الثمار لكي يشكروه على نعمه وفنون احسانه . { ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن } اعتراف من ابراهيم لله تعالى بانه " عز وجل " يعلم ما يخفي الخلق وما يظهرونه ، وانه لا يخفى عليه شيء من ذلك مما يكون في الارض ، ومما يكون في السماء مع عظمها وبعد ما بينهما ، لانه عالم لنفسه بجميع المعلومات . وقال قوم : ان قوله { وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء } اخبار منه تعالى بذلك دون الحكاية .