Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 39-41)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا حكاية من الله تعالى باعتراف ابراهيم ( ع ) بنعم الله تعالى ، وحمده إِياه على إِحسانه بما وهب له على كبر سنه ولدين : اسماعيل واسحق . وانه اخبر بأن ربه الذي خلقه يجيب الدعاء لمن يدعوه وذلك يدل على انه كان تقدم منه مسألة لله تعالى أن يهب له ولداً ، فلذلك كان مجيباً له . والحمد هو الوصف الجميل على وجه التعظيم لصاحبه والاجلال له وفرق الرماني بين الحمد والمدح بان المدح : هو الوصف للشيء بالخير من جهته على وجه التعظيم له ، فعله او لم يفعله ، ولكن كان سبباً يؤدي اليه ، وليس كذلك الحمد . والذم : نقيض لهما ، لانه الوصف بالقبيح على جهة التحقير . والهبة عطية التمليك من غير عقد مثامنة يقال : وهب له كذا يهبه هبة ، فهو واهب . والدعاء طلب الفعل بدلالة القول وما دعا الله ( عز وجل ) اليه فقد أمر به ورغب فيه ، وما دعا العبد به ربّه فالعبد راغب فيه ، ولذلك لا يجوز ان يدعو الانسان بلعنه ولا عقابه ، ويحوز ان يدعو على غيره به . والتقبل أخذ العمل على طريقة ايجاب الحق به مقابلة عليه . وقال سعيد بن جبير : بشر ابراهيم بالولد بعد مئة وسبعة عشرة سنة . وقوله { رب اجعلني مقيم الصلاة } سؤال من ابراهيم ( ع ) لله تعالى ان يجعله ممن يقيم شرائط الصلاة ويدوم عليها بلطف يفعله به يختار ذلك عنده ، وسأله ان يفعل مثل ذلك بذريته ، وأن يجعل منهم جماعة يقيمون الصلاة ، وهم الذين اعلمه الله ان يقوموا بها دون الكفار الذين لا يقيمون الصلاة { ربنا وتقبل دعاء } رغبة منه اليه تعالى ان يجيب دعاءه فيما سأله . وقوله { ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } نداء من ابراهيم لله تعالى ان يغفر له ولوالديه ولجميع المؤمنين ، وهو ان يستر عليهم ما وقع منهم من المعاصي عند من أجاز الصغائر عليهم ، ومن لم يجز ذلك حمل ذلك على أنه انقطاع منه اليه تعالى فيما يتعلق به ، وسؤال على الحقيقة في غيره . وقد بينا ان أبوي ابراهيم لم يكونا كافرين وفي الآية دلالة على ذلك ، لانه سأل المغفرة لهما يوم القيامة ، فلو كانا كافرين لما قال ذلك ، لأنه قال تعالى { فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه } فدل ذلك على ان أباه الذي كان كافراً جده لأمه او عمه على الخلاف . قال البلخي : ان أمه كانت مؤمنة ، لانه سأل ان يغفر لأبيه وحكى أنه { كان من الضالين } وقال { إِلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك } ولم يقل لأبويه { ويوم يقوم الحساب } أي يقوم فيه الحساب . والعامل في يوم قوله { اغفر } .