Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 19-21)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { والأرض مددناها } عطفاً على قوله { ولقد جعلنا في السماء بروجاً … والأرض } ويجوز ان يكون ومددنا الأرض مددناها ، كما قال { والقمر قدرناه } ومعنى { مددناها } بسطناها ، وجعلنا لها طولا وعرضا { وألقينا فيها } يعني طرحنا فيها { رواسي } يعني جبالاً ثابتة . واصله الثبوت ، ويقال : رست السفينة اذا ثبتت ، والمراسي ما تثبَّت به . وقيل جعلت الجبال أوتاداً للأرض . وقيل جعلت أعلاماً يهتدي بها أهل الأرض . وقوله { أنبتنا فيها } يعني أخرجنا النبات في الأرض ، والنبات ظهور النامي عن غيره ، حالاً بعد حال , والأَغلب عليه ظهوره من الأرض ، وقد يكون من غيره ، كنبات الشعر على البدن والرأس . { من كل شيء موزون } قيل في معناه قولان : احدهما - قال ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والجبائي : من كل شيء مقدر معلوم . والثاني - قال الحسن وابن زيد : من الاشياء التي توزن من الذهب والفضة والنحاس والحديد وغير ذلك . والوزن وضع احد الشيئين بازاء الآخر على ما يظهر به مساواته في المقدار وزيادته ، يقال وزنه يزنه وزناً فهو موزون ، { وجعلنا لكم فيها معايش } جمع معيشة ، وهي طلب اسباب الرزق مدة الحياة ، فقد يطلبها الأنسان لنفسه بالتصرف والتكسب ، وقد يطلب له فإِن أتاه اسباب الرزق من غير طلب فذلك العيش الهني . وقوله { ومن لستم له برازقين } ( من ) في موضع نصب عطفا على { معايش } ، وقال مجاهد : المراد به العبيد والاماء والدواب والانعام ، قال الفراء : العرب لا تكاد تجعل ( من ) الا في الناس خاصة ، قال : فان كان من الدواب والمماليك حسن حينئذ ، قال وقد يجوز ان يجعل ( من ) في موضع خفض نسقاً على الكاف والميم في ( لكم ) قال المبرّد : الظاهر المخفوض لا يعطف على المضمر المخفوض نحو مررت بك وزيد إِلا ان يضطر شاعر ، على ما مضى ذكره في سورة النساء ، وانشد الفرّاء في ذلك : @ نعلق في مثل السواري سيوفنا وما بينها والكعب غوط نفانف @@ فرد الكعب على ( بينها ) وقال آخر : @ هلا سألت بذي الجماجم عنهم وأبا نعيم ذي اللواء المحرق @@ فرد أبا نعيم على الهاء في عنهم . قال ويجوز ان يكون في موضع رفع ، لان الكلام قد تم ، ويكون التقدير على قوله { لكم فيها } … { ومن لستم له برازقين } . وقوله { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } فخزائن الله مقدوراته ، لانه تعالى يقدر ان يوجد ما شاء من جميع الاجناس ، فكأنه قال : وليس من شيء إِلا والله تعالى قادر على ما كان من جنسه الى ما لا نهاية له . وقوله { وما ننزله إلا بقدر معلوم } اي لست انزل من ذلك الشيء { إِلا بقدر معلوم } اي ما يصلحهم وينفعهم دون ما يفسدهم ويضرهم ، حسب ما سبق في علمي .