Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 45-48)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما اخبر الله تعالى عن الكفار ان مستقرهم جهنم ، ووصف جهنم ، اخبر - ها هنا - ما للمتقين ، فقال { إن للمتقين } الذين يتقون عقاب الله باجتناب معاصيه وفعل طاعته { جنات } وهي البساتين التي تنبع فيها المياه ؛ كما تفور من الفوارة ، ثم يجري في مجاريه ، وانما يشوقهم الى الثواب بالجنان ، لانها من اسباب لذات الدنيا المؤدية اليها ، كما ان النار من اسباب الآلام لمن حصل فيها . والفرق بين الجنة والروضة : ان الجنة لا بد ان يكون فيها شجر ، لان اصلها من ان الشجر يجنها ، والروضة قد تكون بغير شجر ، يقال : روضة خضرة ورياض مونقات . وقوله { ادخلوها } اي يقال للمتقين { ادخلوها بسلام آمنين } بسلامة وهي البراءة من كل آفة ومضرة ، كما قال { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً } اي براءة منكم ، ومعنى { آمنين } اي ساكني النفس الى انتفاء الضرر . والامانة الثقة بالسلامة من الخيانة . وقوله { ونزعنا ما في صدورهم من غل } فالغل الحقد الذي ينعقد في القلب ، ومنه الغل الذي يجعل في العنق ، والغلول الخيانة التي تطوق عارها صاحبها ، فبين تعالى ان الاحقاد التي في صدور اهل الدنيا تزول بين اهل الجنة ويصبحون { إخواناً } متحابين { على سرر } وهي جمع سرير ، وهو المجلس الرفيع موطأ للسرور ، ويقال في جمعه : اسرة ايضاً ، وهو مأخوذ من السرور ، لانه مجلس سرور { متقابلين } اي كل واحد منهم مقابل لصاحبه ومحاذ لاخيه ، فانه بذلك يعظم سرورهم . والتقابل وضع كل واحد بازاء الآخر على التشاكل وقال قوم : ان نزع الغل يكون قبل دخول الجنة . وقال آخرون : يكون ذلك بعد دخولهم فيها . وقوله { لا يمسهم فيها نصب } اخبار منه تعالى : ان هؤلاء المؤمنين الذين حصلوا في الجنة { إخواناً على سرر متقابلين } لا يمسهم في الجنة نصب وهو التعب والوهن الذي من العمل ، للوهن الذي يلحق . ثم اخبر انهم مع ذلك لا يخرجون من الجنة بل يبقون فيها مؤبدين . و { إخواناً } نصب على الحال . وقال قوم هو نصب على التمييز .