Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 57-60)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال ابراهيم ( ع ) بعد ذلك للملائكة { ما خطبكم } اي ما الأمر الجليل الذي بعثتم له ، والخطب الأمر الجليل ، ومثله ما شأنك ، وما أمرك ، ومنه الخطبة ، لأنها في الأمر الجليل ، فأجابته الملائكة بأنّا { أرسلنا إلى قوم مجرمين } وقوم الرجل : هم الذين يقيمون بنصرته ، والنفر الذين ينفرون في مهام الأمور . وقوم لوط هم الذين كان يجب عليهم القيام بنصرته ومعونته على أمره . وقال قوم : إِنه يقع على الرجال دون النساء . والمجرم المنقطع عن الحق الى الباطل ، وهو القاطع لنفسه عن المحاسن الى المقابح ، والمعنى { إنا أرسلنا إلى } من وصفنا لنهلكهم ، وننزل بهم العقوبة . ثم استثنى من ذلك { آل لوط } وأخبر انهم ينجونهم كلهم ، يقال : نجيت فلاناً وانجيته ، فمن قرأ بالتشديد أراد التكثير . ثم استثنى من جملة آل لوط امرأته ، وبين انها هالكة مع الهالكين ، { وقدرنا } اي كتبنا { إنها لمن الغابرين } والغابر الباقي في من يهلك . والغابر الباقي في مثل الغبرة ، مما يوجب الهلكة . قال الشاعر : @ فما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر @@ وآل الرجل أهله الذين يرجعون إِلى ولايته ، ولهذا يقال أهل البلد ، ولا يقال آل البلد ، ولكن آل الرجل اتباعه الذين يرجع أمرهم اليه بولايته ونصرته . وقيل : إِن امرأة لوط كانت في جملة الباقين . ثم اهلكت فيما بعد { وقدرنا } بالتخفيف مثل { قدّرنا } بالتشديد ، وكلهم قرأ - ها هنا - مشدداً إِلا أبا بكر عن عاصم ، فإِنه خففها ، ويكون ذلك من التقدير ، كما قال { ومن قدر عليه رزقه } وقال ابو عبيدة : في الآية معنى فقر ، وكان ابو يوسف يتأوله فيها ، لان الله تعالى استثنى آل لوط من المجرمين ، ثم استثنا استثناء رده على استثناء كان قبله ، وكذلك كل استثناء في الكلام إِذا جاء بعد آخر عاد المعنى إِلى أول الكلام ، كقول الرجل : لفلان علي عشرة إِلا أربعة إِلا درهم ، فأنه يكون اقرار بسبعة ، وكذلك لو قال : علي خمسة إِلا درهماً إِلا ثلثاً ، كان إِقرار بأربعة وثلث ، وكذلك لو قال لأمرأته أنت طالق ثلاثاً إِلا اثنتين إِلا واحدة كانت طالقاً إِثنتين ، قال : واكثر ما يستثنى ما هو أقل من النصف ، ولم يسمع اكثر من النصف الا بيت أنشده الكسائي : @ ادوا التي نقصت سبعين من مئة ثم ابعثوا حكماً بالعدل حكّاما @@ فجعلها مئة إِلا سبعين ، وهو يريد ثلاثين ، وضعف المبرد الاحتجاج بهذا البيت ، ولم يجز إِستثناء الأكثر من الجملة ولا نصفها ، وإِنما جاز استثناء ما دون النصف من الجملة حتى قال : لا يجوز ان يقال : له عندي عشرة إِلا نصف ولا عشرة إِلا واحد ، قال : لان تسعة ونصف أولى بذلك ، وكذلك لا يجوز : له الف إِلا مئة ، لأن تسعة مئة أولى بذلك ، وإِنما يجوز الف إِلا خمسين وإِلا سبعين والا تسعين ، قال : وعلى هذا النحو بني هذا الباب . والصحيح الأول ، عند اكثر العلماء من المتكلمين والفقهاء واكثر النحويين .