Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 87-91)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا خطاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه آتاه أي أعطاه سبعاً من المثاني ، فقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد : هي السبع الطوال سبع سور من أول القرآن . قال قوم : المثاني التي بعد المئتين قبل المفصل . وفي رواية أخرى عن ابن عباس وابن مسعود : أنها فاتحة الكتاب ، وهو قول الحسن وعطاء . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " السبع المثاني أم القرآن " وهي سبع آيات بلا خلاف في جملتها ، وإِنما سميت مثاني ، في قول الحسن ، لأنها تثنى في كل صلاة وقراءة . وقيل : المثاني السبع الطوال لما يثنى فيها من الحكم المصرفة قال الراجز : @ نشدتكم بمنزل الفرقان ام الكتاب السبع من مثاني ثنتين من آيٍ من القرآن والسبع سبع الطوّل الدواني @@ وقد وصف الله تعالى القرآن كله بذلك في قوله { الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني } فعلى هذا تكون ( من ) للتبعيض . ومن قال : انها الحمد قال : ( من ) بمعنى تبيين الصفة ، كقوله { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } وقوله { والقرآن العظيم } تقديره وآتيناك القرآن العظيم سوى الحمد . وقوله { لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم } خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به الأمّة ، نهاهم الله تعالى ان يمدوا أعينهم الى ما متع هؤلاء الكفار به من نعيم الدنيا . ومعنى أزواجاً منهم أمثالاً من النعم { ولا تحزن عليهم } قال الجبائي : معناه لا تحزن لما أنعمت عليهم دونك . وقال الحسن { لا تحزن عليهم } على ما يصيرون اليه من النار بكفرهم . ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يخفض جناحه للمؤمنين وهو ان يلين لهم جانبه ويتواضع لهم ويحسن خلقه معهم ، وأن يقول لهم { إِني أنا النذير المبين } يعني المخوف من عقاب الله من ارتكب ما يستحق به العقوبة ، ومبين لهم ما يجب عليهم العمل به . وقوله { كما أنزلنا على المقتسمين } قال ابن عباس وسعيد بن جبير ، والحسن : هؤلاء هم أهل الكتاب اقتسموا القرآن ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه ، وقال قتادة : هم قوم من قريش عضوا كتاب الله . وقال ابن زيد : هم قوم صالح { تقاسموا بالله لنبيتنّه وأهله } وقال الحسن : أنزلنا عليك الكتاب ، كما انزلنا على المقتسمين من قبل ، قوم اقتسموا طرق مكة ينفرون عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون : إِنه ساحر ، وبعضهم يقول هو كاهن ، وبعضهم يقول انه مجنون ، فأنزل الله بهم عذابا اهلكهم به . وتقديره أنذركم بما أنزل بالمقتسمين . ذكره الفراء . وقوله { الذين جعلوا القرآن عضين } أي جعلوه متفرقاً بالايمان ببعضه والكفر ببعض ، فعضوه على هذا السبيل الذي ذمهم الله بها . وقيل جعلوه عضين ، بأن قالوا سحر وكهانة - في قول قتادة - واصل عضين عضه منقوصة الواو ، مثل عزة وعزين ، قال الشاعر : @ ذاك ديار يأزم المآزما وعضوات تقطع اللهازما @@ وقال آخر : @ للماء من عضاتهن زمزمه @@ وقال رؤبة : @ وليس دين الله بالمعضي @@ فالمعنى انهم عضوه أي فرقوه ، كما تعضا الشاة والجزور ، واصل عضه عضوه فنقصت الواو ، ولذلك جمعت عضين بلا واو كما قالوا عزين جمع عزة والأصل عزوة ومثله ثبه وثبون ، واصله ثبوة والعضيهة الكذب ، فلما نسبوا القرآن الى الكذب وانه ليس من قبل الله فقد عضهوا بذلك .