Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 107-109)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { ذلك } اشارة إِلى ما تقدم ذكره من العذاب العظيم . أخبر الله تعالى ان ذلك العذاب العظيم إِنما أعدّه لهم ، لأنهم آثروا الحياة الدنيا ، والتلذذ فيها ، والركون اليها على الآخرة ، والمعنى انهم فعلوا ما فعلوه للدنيا طلباً لها دون طلب الآخرة . والعمل يجب أن يكون طلباً للاخرة ، أو للدنيا والآخرة . فأما أن يكون لمجرد الدنيا دون الآخرة فلا يجوز ، لأنه إِذا طلب الدنيا ترك الواجب من الطاعات لا محالة ، وكذلك لا ينبغي أن يختار المباح على النافلة لان النافلة طاعة لله . والمباح ليس بطاعة له . ثم أخبر تعالى { أن الله لا يهدي القوم الكافرين } ومعناه أحد شيئين : احدهما - إِنه لا يهديهم الى طريق الجنة والثواب ، لكفرهم . الثاني - إِنه لا يحكم بهدايتهم لكونهم كفاراً . وأما نصب الدلالة ، فقد هدى الله جميع المكلفين ، كما قال { وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى } وقيل : إِنهم لم يهتدوا بتلك الادلة ، فكأنها لم تكن نصبت لهم ، ونصبت للمؤمنين الذين اهتدوا بها ، فلذلك نفاها عنهم فكأنها لم تكن لهم ، ويجوز ان يكون المراد انه لا يهديهم بهدى المؤمنين من فعل الألطاف والمدح بالاهتداء ، لكونهم كفاراً . ثم اخبر ان اولئك الكفار هم { الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون } وبينا معنى الطبع على القلوب والسمع والابصار في سورة البقرة وان ذلك سمة من الله جعلها للملائكة ليفرقوا بين الكافر والمؤمن ، جزاء وعقوبة على كفرهم ، وان ذلك غير محيل بينهم وبين اختيار الايمان لو ارادوه ، وانما وصفهم بعوم الغفلة مع الخواطر التي تزعجهم لأمرين : احدهما - انهم بمنزلة الغافلين ذمّاً لهم . الثاني - لجهلهم عما يؤدي اليه حالهم ، وان كانت الخواطر الى النظر تزعجهم . وقوله { لا جرم أنهم } معناه حقَّ لهم { أنهم في الآخرة هم الخاسرون } الذين خسروا صفقتهم لفوات الثواب وحصول العقاب وموضع ( انهم ) يحتمل أمرين من الاعراب : احدهما - النصب على معنى : لا بد انهم اي لا بد من ذا ، ويجوز على جرم فعلهم أن لهم النار اي قطع بذا وتكون ( لا ) صلة . والثاني - الرفع والمعنى وجب قطعاً أن لهم النار و ( لا ) صلة أو ردٌّ لكلام من قال : ماذا لهم ؟ فقيل وجب لهم النار .