Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 110-111)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عامر وحده { فَتنوا } جعل الفعل لهم . الباقون { فُتنوا } على ما لم يسم فاعله ، يقال : فتنت زيداً ، وهي اللغة الجيدة ، وحكي افتنت . وحجة من قرأ على ما لم يسم فاعله أن الآية نزلت في المستضعفين المفتنين بمكة : عمار وبلال ، وصهيب ، فانهم حملوا على الارتداد عن دينهم ، فمنهم من اعطى ذلك تقية منهم : عمار ، فانه اظهر ذلك تقية ، ثم هاجر . ومعنى قراءة بن عامر : انه فتن نفسه ، والمعنى من بعد ما فتن بعضهم نفسه باظهار ما اظهره بالتقية قال الرماني : في الآية دلالة على انهم فتنوا في دينهم بمعصية كانت منهم ، لقوله { إن ربك من بعدها لغفور رحيم } لأن المغفرة الصفح عن الخطيئة ، ولو كانوا أعطوا التقية على حقها لم تكن هناك خطيئة . وهذا الذي ذكره ليس بصحيح ، ولا في الكلام دلالة عليه ، وذلك ان الله تعالى إِنما قال { إن ربك من بعدها } يعني بعد الفتنة التي فتنوا بها { لغفور رحيم } أي ساتر عليهم ، لان ظاهر ما اظهروه يحتمل القبيح والحسن ، فلما كشف الله عن باطن امورهم ، واخبر انهم كانوا مطمئنين بالايمان كان في ذلك ستر عليهم ، وازالة الظاهر المحتمل إِلى الآمر الجلي ، وذلك من نعم الله عليهم . يقول الله تعالى : إِن هؤلاء الذين هاجروا بعد ما فتنوا عن دينهم ، وجاهدوا في سبيله وصبروا على الأذى في جنب الله ، فان الله اقسم انه ضمن لهم أن يفعل بهم الثواب ، وساتر عليهم ، ورحيم بهم منعم عليهم . وقوله { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها } ( يوم ) منصوب بأحد شيئين : احدهما - على معنى إِن ربك من بعدها لغفور رحيم ( يوم ) . الثاني - على معنى واذكر يوم ، لان القرآن عظة وتذكير ، ومعنى تجادل عن نفسها تخاصم كلُّ نفس عن نفسها ، وتحتج بما ليس فيه حجة عند الحساب ، كما قال تعالى حكاية عنهم : { والله ربنا ما كنا مشركين } وقال الأتباع { ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار } فهم يجادلون الملك السائل لهم بين يدي الله ، وقيل : تحتج عن نفسها بما تقدّر به ازالة العقاب عنها . ثم اخبر الله ان كلّ نفس توّفى جزاء ما عملته على الطاعة الثواب وعلى المعصية العقاب ، ولا يظلم احد في ذلك اليوم أحداً .