Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 112-112)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
التقدير ضرب الله مثلاً مثل قرية ، وقيل في القرية التي ضرب الله بها هذا المثل قولان : احدهما - قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : إِنها مكة ، لأنها كانت بهذه الصفات التي ذكرها الله . وقال آخرون : اي قرية كانت على هذه الصفة ، فهذه صورتها . وقوله { كانت آمنة مطمئنة } أي يأمن الناس فيها على نفوسهم واموالهم لا يخافون الغارة والنهب ، كما يخاف سائر العرب ، ويطمئنون فيها ، لا يحتاجون فيها ان ينتجعوا الى غيرها ، كما يحتاج غيرهم اليه ، وكان مع ذلك يجيؤها رزقها ، اي رزق اهلها من كل موضع ، لأنه كان يجلب اليها تفضلا منه تعالى { فكفرت بأنعم الله } والمراد كفر اهلها ، { بأنعم الله } . وانما اضاف الكفر الى القرية مجازا ، ولذلك أنث الفعل . وقيل في واحد انعم الله ثلاثة اقوال : احدها - يقال نعمة وانعم كشدة وأشُدّ . الثاني - في جمع النعم كما قالوا أيام طعم ونعم ومثله ودّ وأودّ . الثالث - نعماء كما جمعوا بأساء وابؤس وضراء واضر ؛ وقالوا أشُد جمع شُدّ قال الشاعر . @ وعندي قروض الخير والشر كله فبؤس لدى بؤسى ونعمى بأنعم @@ وقوله { فأذاقها الله لباس الجوع } انما سماه لباس الجوع ، لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوب اللون وسوء الحال ما هو كاللباس . وقيل انهم شملهم الجوع والخوف كما شمل اللباس البدن . وقيل ان القحط دام بهم سنين وبلغ بهم الى ان اكلوا القد والطهن ، وهو الوبر يخلط بالدم والقراد ، ثم يؤكل ، وانما يقال لصاحب الشدة : دق ، لانه يجده وجدان الذائق في تفقده له ، ولانه يتجدد عليه إِدراكه كما يتجدد على الذائق ، وهم مع ذلك خائفون وجلون من النبي صلى الله عليه وسلم . واصحابه يغيرون على قوافلهم وتجاراتهم { جزاء بما كانوا يصنعون } من الكفر والشرك وتكذيب الرسل ، واجرى الخطاب من أول الآية الى ها هنا على التأنيث إِضافة إِلى القرية ، ثم قال - ها هنا - { بما كانوا يصنعون } على المعنى أي بما كان أهلها يصنعون . وروي عن ابي عمرو انه قرأ { لباس الجوع والخوف } بالنصب ، كأنه ضمن فعل إِرزاقهم الله لباس الجوع ، قاذفاً في قلوبهم الخوف ، لأن الله تعالى لم يبعث النبي بالقحط والجوع والخوف ، فقد قذف في قلوبهم الرعب من النبي وسراياه .