Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 26-27)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ نافع وحده { تشاقون } بكسر النون اراد تشاقونني ، فحذف النون تخفيفاً وحذف الياء اجتزاء بالكسرة ، وقد ذكر فيما مضى علة ذلك في قوله { فبم تبشرون } وقرأ الباقون بفتح النون ، لا يجعلونه مضافاً إِلى الياء . والنون في هذه القراءة علامة الرفع ، والنون مع الياء المحذوفة في موضع النصب . ومعنى { تشاقون } أي يعادون الله فيهم فيجعلونها شركاء له ، والشقاق الخلاف في المعنى ، ومعنى { تشاقون } تكونون في جانب ، والمسلمون في جانب ، لا يكونون معهم يداً واحدة ، ومن ثم قيل لمن خرج عن طاعة الامام وعن جماعة المسلمين : شق العصا أي صار في جانب عنهم ، فلم يكن مجتمعاً في كلمتهم . يقول الله ان الذين من قبل هؤلاء الكفار { قد مكروا } واحتالوا على رسلهم والمكر الفتل والحيلة الى جهة منكرة ، يقال مكر به يمكر مكراً ، فهو ماكر ومكار ، ثم قال : فان الله تعالى أتى أمره وعقابه { بنيانهم } التي بنوها فهدمها { فخر عليهم السقف من فوقهم } وقيل في معنى { من فوقهم } قولان : احدهما - انه قال ذلك تأكيداً ، كقولك قلت انت . الثاني - انهم كانوا تحته ، وقد يقول القائل : تهدمت علي المنازل ، وان لم يكن تحتها ، وأيضاً فليعلم انهم لم يكونوا فوق السقوف . وقال ابن عباس وزيد بن اسلم : الذين خر عليهم السقف من فوقهم نمرود ابن كنعان . وقال غيرهم : بخت نصر ، وقال الزجاج وأبو بكر بن الانباري : المعنى فأتى الله مكرهم من اصله اي عاد ضرر المكر عليهم وبهم . وذكر الاساس مثلا كما ذكر السقف ، مع انه لا سقف ثم ولا أساس ، وهذا الذي ذكره يليق بكلام العرب ويشبهه . والمعنى إِنّ الله أتى بنيانهم من القواعد اي قلعه من اصله كقولهم : أتي فلان من مأمنه اي أتاه الهلاك من جهة مأمنه وأتاهم العذاب من جهة الله { وهم لا يشعرن } أي لا يعلمون انه من جهة الله نزل بهم العذاب . ثم قال انه تعالى مع ذلك يخزيهم يوم القيامة أي يذلهم بأنواع العذاب ويقول لهم أين شركائي الذين اتخذتموهم آلهة ، فعبدتموهم يعني الذين كنتم تشاقون فيهم الله تعالى وتخرجون عن طاعة الله . ثم أخبر ان الذين أعطوا العلم والمعرفة بالله تعالى وأوتوه يقولون لهم : ان الخزي يعني الذل والهوان { اليوم } والسوء الذي هو العذاب { على الكافرين } الجاحدين لنعمه المنكرين لتوحيده وصدق انبيائه .