Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 28-30)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة { الذين يتوفاهم } بالياء . الباقون بالتاء ، من قرأ بالتاء فلتأنيث لفظة الملائكة ، ومن قرأ بالياء ، فلأن التأنيث غير حقيقي وقد مضى نظيره كثيراً . يقول الله تعالى ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين ، الذين يتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم و { الذين } في موضع الجر بأنه بدل من الكافرين وانما قال ذلك ليعلم به ان الوعيد يتناول من كان مات على كفره ، لانه ان تاب لم يتوجه الوعيد اليه ، ومعنى { تتوفاهم الملائكة } أي تقبض ارواحهم بالموت ظالمي انفسهم بما فعلوه من ارتكاب المعاصي التي استحقوا بها العقاب . والظالم من فعل الظلم ، ويصح ان يظلم الانسان نفسه كما يظلم غيره . وقوله { فألقوا السلم } اي استسلموا للحق حين لا ينفعهم السلم ، يعني الانقياد والاذعان . وقوله { ما كنا نعمل من سوء } اي قالوا ما عملنا من سوء ، فكذبهم الله ، وقال { بلى } قد فعلتم والله عالم بما كنتم تعملون في الدنيا من المعاصي وغيرها . وقيل في معنى ذلك قولان : احدهما - ما كنا نعمل من سوء عند انفسنا ، لانهم في الآخرة ملجؤن الى ترك القبيح والكذب ، ذكره الجبائي . وقال الحسن وابن الاخشاذ : في الآخرة مواطن يلجؤن في بعضها دون بعض ، ثم بين انه تعالى يقول لهم { ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها } اي مؤبدين فيها { فلبئس مثوى المتكبرين } قسم من الله تعالى انها بئس المأوى لمن تكبر على الله ، ولم يعمل بطاعته ، { وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم } اي اي شيء { أنزل ربكم قالوا خيراً } على معنى ماذا ، والمعنى انزل الله خيراً ، وانما نصب { خيراً } ها هنا بعد قوله { قالوا } ورفع { أساطير } فيما تقدم لأمرين . احدهما - انهم جحدوا التنزيل ، فقالوا إِنما هي اساطير الأولين وأقر المؤمنون بالتنزيل ، فقالوا أنزل ربنا خيراً . والثاني - قال سيبويه ان يكون الرفع على تقدير ما الذي انزل ربكم فيكون ذا بمعنى الذي ، وفي النصب يكون ( ذا ، وما ) بمنزلة اسم واحد . وقوله { للذين أحسنوا الحسنى } يحتمل ان يكون من كلام من قال خيراً ، ويحتمل ان يكون اخباراً من الله تعالى ، وهو الاقوى ، لانه ابلغ في باب الدعاء الى الاحسان ، فأجاز الحسن والزجاج كلا الوجهين ، والمعنى ان للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة مكافأة لهم في الدنيا قبل الآخرة خيراً { ولنعم دار المتقين } يعني الجنة التي يدخلها الذين اتقوا معاصي الله وفعلوا طاعاته .