Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 68-69)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرىء { يعرشون } بضم الراء وكسرها ، وهما لغتان ومعناه : وما يبنونه من السقوف . وقال ابن زيد : يعني الكروم ، قال ابن عباس ومجاهد : يعني { وأوحى ربك إلى النحل } ألهمها الهاماً ، وقال الحسن : جعل ذلك في غرائزها اي ما يخفى مثله عن غيرها ، وذلك ايحاء في اللغة . وقال ابو عبيد : ( الوحي ) على وجوه في كلام العرب : منها وحي النبوة ، ومنها الإلهام ، ومنها الإِشارة ، ومنها الكتاب ، ومنها الأسرار : فالوحي في النبوة ما يوحي الله إِلى الانبياء ، كقوله { إِلاّ وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإِذنه } والوحي بمعنى الإلهام ، قوله { وأوحى ربك إلى النحل } وقوله { وأوحينا إلى أم موسى } وفي الارض { بأن ربك أوحى لها } ووحي الاشارة كقوله { فأوحى إليهم أن سبحوا } قال مجاهد : اشار اليهم ، وقال الضحاك : كتب لهم . واصل الوحي عند العرب هو إِلقاء الانسان إِلى صاحبه ثيابا للاستتار والاخفاء . ووحي الاسرار مثل قوله { يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً } فاما ما روي عن ابن عباس انه قال : لا وحي إِلاّ القرآن اراد ان القرآن هو الوحي الذي نزل به جبرائيل على محمد صلى الله عليه وسلم ، دون ان يكون انكر ما قلناه . ويقال : أوحى له وأوحى اليه قال العجاج : @ أوحى لها القرار فاستقرت @@ قال المبرد : ما روي عن ابن عباس إِنما قاله لما سئل عما كان وضعه المختار وسماه الوحي ، فقال ابن عباس : لا وحي إِلا القرآن جواباً عما أحدثه المختار وادعى تنزيله اليه . وواحد { النحل } نحلة ، والمعنى ان الله تعالى ألهم النحل اتخاذ المنازل والادكار ، والبيوت في الجبال ، وفي الشجر وغير ذلك { ومما يعرشون } يعني سقوف البيوت { ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً } معناه انه تعالى ألهمها ايضاً أن تأكل من الثمرات وسائر الاشجار التي تحويها ؛ والذلل جمع ذلول ، وهي الطرق الموطأة للسلوك . وقيل : طرق لا يتوعّر عليها سلوكها عن مجاهد . وقال قتادة : معنى { ذللاً } اي مطيعة ، ويكون من صفة النحل . وقال غيره : هو من صفات الطريق ومعنى { ذللاً } إنه قد ذللها لك وسهل عليك سلوكها وفي ذلك اعظم العبر واظهر الدلالة على توحيده تعالى وأنه لا يقدر عليه سواه . ثم قال { يخرج من بطونها } يعني بطون النحل { شراب مختلف ألوانه } من أصفر وأبيض وأحمر ، مع أنها تأكل الحامض والمر فيحيله الله عسلاً حلواً لذيذاً { فيه شفاء للناس } لما شفائها فيه ، واكثر المفسرين على ان ( الهاء ) راجعة إِلى العسل ، وهو الشراب الذي ذكره ، وأن فيه شفاء من كثير من الأمراض ، وفيه منافع جمة . وقال مجاهد ( الهاء ) راجعة إِلى القرآن { وفيه شفاء للناس } ، لما فيه من بيان الحلال ، والحرام ، والفتيا ، والأحكام ، والأول أوثق . ثم اخبر تعالى ان فيما ذكره آيات واضحات ، ودلالات بينات ، لمن يتفكر فيه ويهتدي بهديه ، وانما قال { من بطونها } وهو خارج من فيها ، لان العسل يخلقه الله في بطون النحل ويخرجه إِلى فيه . ثم يخرجه من فيه ، ولو قال : من فيها لظن أنها تلقيه من فيها ، وليس بخارج من البطن .