Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 17-19)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى بأنه اهلك من القرون من بعد نوح ، أُمَماً كثيرة ، لأن " كم " يفيد التكثير ضد ( ربّ ) الذي يفيد التقليل ، ( والقرن ) قيل : مئة وعشرون سنة - في قول عبد الله ابن أَبي أوفى - وقال محمد بن القاسم المازني : هو مئة سنة ، وقال قوم : هو اربعون سنة . وادخلت الباء في قوله { كفى بربك } للمدح : كما تقول : ناهيك به رجلاً ، وجاد بثوبك ثوباً ، وطاب بطعامك طعاماً واكرم به رجلاً ، وكل ذلك في موضع رفع ، كما قال الشاعر : @ ويخبرني عن غائب المرء هديه كفى الهدى عمّا غيّب المرؤ مخبرا @@ فرفع لما اسقط الباء . والمعنى : كفى ربك عالماً وحسيباً بذنوب عباده بصيراً بها ، ثمّ قال { من كان يريد } المنافع { العاجلة } في الدنيا { عجلنا له فيها } يعني في الدنيا القدر الذي نريده لمن نريد ، لا على قدر ما يريدون ، لأن ما يريدونه ربما كانت فيه مفسدة ، لا يجوز إِعطاؤهم إِياه ، ثم بين انه إِذا اعطاهم ما طلبوه عاجلاً جعل لهم جهنم جزاء ، على معاصيهم وكفرهم يصلونها مذمومين مدحورين ، اي في حال ذمنا إِياهم ، يقال : ذأمته ، وذمته ، وذممته بمعنى واحد فهو مذؤم ومذيم ومذموم ، ويكون ذأمته اي طردته ، فهو مذؤم . و { مدحوراً } اي متباعداً من رحمة الله دحرته أَدحره دحراً اي باعدته . ثم قال { ومن أَراد الآخرة } اي خير الآخرة ، ثواب الجنة { وسعى لها سعيها } بأن فعل الطاعات وتجنب المعاصي ، وهو مع ذلك مؤمن مصدق بتوحيد الله ومقر بأنبيائه ، فإِن أُولئك يكون { سعيهم مشكوراً } اي تكون طاعاتهم مقبولة . وقال قتادة : شكر الله حسناتهم ، وتجاوز عن سيّآتهم . والمعنى أحلهم محلا يشكر عليه في حسن الجزاء كما قال : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً }