Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 34-36)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة إِلا ابا بكر عن عاصم { بالقسطاس } بكسر القاف . الباقون بالضم ، وهما لغتان . وقال الزجاج : القسطاس هو الميزان صغر او كبر . وقال الحسن : هو القبان . وقال مجاهد : هو العدل بالرومية وهو القرصطون . وقال قوم : هو الشاهين . وقرأ ابو بكر عن عاصم " بالقصطاس " بالصاد قلبت السين صاداً مثل ( صراط ، وسراط ) لقرب مخرجهما . في الآية الاولى نهي من الله تعالى لجميع المكلفين ان يقربوا مال اليتيم إِلاَّ بالتي هي احسن ، وهو ان يحفظوا عليه ويثمروه او ينفقوا عليه بالمعروف على ما لا يشك انه اصلح له ، فأمّا لغير ذلك ، فلا يجوز لاحد التصرف فيه . وانما خصّ اليتيم بذلك وان كان التصرف في مال البالغ بغير اذنه لا يجوز ايضاً ، لان اليتيم الى ذلك احوج والطمع في مثله اكثر . وقوله { حتى يبلغ أشده } قال قوم : حتى يبلغ ثمانية عشرة سنة . وقال آخرون : حتى يبلغ الحلم . وقال آخرون - وهوالصحيح - حتى يبلغ كما العقل ويؤنس منه الرشد . وقوله { وأوفوا بالعهد } امر من الله تعالى بالوفاء بالعهود ، وهو العقد الذي يقدم للتوثق من الامر ، ومتى عقد عاقد على ما لا يجوز ، فعليه نقض ذلك العقد الفاسد والتبرُّؤ منه . وانما يجب الوفاء بالعقد الذي يحسن . وقيل المعنى في الآية اوفوا بالعهد في الوصية بمال اليتيم وغيرها . وقيل كل ما امر الله به ونهى عنه ، فهو من العهد ، وقد يجب الشيء للنذر ، وللعهد ، والوعد به ، وان لم يجب ابتداء ، وانما يجب عند العقد . وقوله { إن العهد كان مسؤولاً } قيل في معناه قولان : احدهما - انه كان مسؤولاً عنه للجزاء عليه ، فحذف ( عنه ) لانه مفهوم . والثاني - كأن العهد يسأل فيقال له : لم نقضت ؟ كما تسأل الموؤدة بأي ذنب قتلت . ثم امرهم ان يوفوهم الكيل اذا كالوا هم ؛ ولا يبخسوهم ولا ينقصوهم ، وان يوفوا ، بالميزان المستقيم الذي لا غبن فيه ، فإِن ذلك خير واحسن تأويلا ، اي احسن عاقبة ، وهو ما يرجع اليه امره . ثم نهى نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقفو ما ليس له به علم ، وهو متوجه الى جميع المكلفين ، ومعناه لا تقل : سمعت ، ولم تسمع ؛ ولا رايت ولا علمت ، ولم تر ، ولم تعلم - في قول قتادة - واصل القفو اتباع الاثر ، ومنه القيافة ، وكأنه يتبع قفا الاثر المتقدم قال الشاعر : @ ومثل الدّمى سم العرانين ساكن بهنّ الحيا لا يشعن التقافيا @@ أي التقاذف . وقال أبو عبيد والمبرد : القفو العضيهة ، { ولا تقف } - بضم القاف وسكون الفاء - من قاف يقوف ، ويكون من المقلوب مثل جذب وجبذ . { ومسؤولاً } نصب على أنه خبر كان . واستدل بهذه الآية ، على أنه لا يجوز العمل بالقياس ولا بخبر الواحد ، لأنهما لا يوجبان العلم ، وقد نهى الله تعالى أن يتبع الانسان ما لا يعلمه . وقوله { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً } أي يسأل عما يفعل بهذه الجوارح من الاستماع لما لا يحل ، والإبصار لما لا يجوز . والارادة لما يقبح . وإِنما قال { كل أولئك } ولم يقل كل ذلك ، لأن اولئك وهؤلاء للجمع القليل من المذكر والمؤنث فإِذا أراد الكثير جاء بالتأنيث . فقال : هذه وتلك ، قال الشاعر :