Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 40-42)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الألف في { أفأصفاكم } ألف استفهام ، والمراد بها الإنكار لانه لا جواب لمن سئل إِلا بما فيه أعظم الفضيحة ، وفي ذلك تعليم سؤال المخالفين للحق ، وهذا خطاب لمن جعل لله بنات ، وقال الملائكة بنات الله ، فقال الله تعالى لهم : أأخلص لكم البنين واختار لكم صفوة الشيء دونه ؟ وجعل البنات مشتركة بينكم وبينه ، فاختصكم بالأرفع وجعل لنفسه الادون ؟ ! ! ثم أخبر أنهم يقولون في ذلك { قولاً عظيماً } أي عظيم الوبال والوزر . وقوله { لقد صرفنا في هذا القرآن ليتذَّكَّروا } وقرأ حمزة والكسائي في جميع القرآن خفيفاً ، من ذكر يذكر . والباقون بالتشديد في جميع القرآن بمعنى ليتذكروا ، فادعموا التاء في الذال . وفي ذلك دلالة على بطلان مذهب المجبرة لأنه أراد التصريف في القرآن ، ليذكر المشركون ما يردهم إِلى الحق ، وهذا مما علقت الارادة الفعل فيه بالمعنى من التذكر . ولولاها لم يتعلق . ثم اخبر انه وان اراد منهم الايمان والهداية بتصريف القرآن لا يزدادون هم إِلا نفورا عنه . فان قيل كيف يجوز أن يفعل تعالى ما يزدادون عنده الكفر ؟ وهل ذلك الا استفساد ومنع اللطف ؟ ! قلنا : ليس في ذلك منع اللطف ، بل فيه إِظهار الدلائل ، مما لا يصح التكليف إِلاّ معه ولو لم تظهر الدلائل ، لازدادوا فسادا بأعظم من هذا الفساد ، وفي إِظهار الدلائل صلاح حاصل لمن نظر فيها وأحسن التدبر لها . وإِنما جاز أن يزدادوا بما يؤنس من الدلائل نفوراً ، باعتقادهم أنها حيل وشبه ، فنفروا منها أشد النفور لهذا الاعتقاد الفاسد ، ومنعهم ذلك من التدبر لها وادراك منزلتها في عظم الفائدة ، وجلالة المنزلة . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل } يا محمد لهؤلاء المشركين { لو كان مع الله آلهة } أخرى كما يزعمون { لابتغوا } ما يقربهم اليه لعلوّه عليهم وعظمته عندهم - في قول قتادة والزجاج - وقال الحسن والجبائي : لا تبغوا سبيلا إِلى مغالبته ومضادّته ، كما قال { لو كان فيهما آلهة إِلاّ الله لفسدتا }