Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 55-57)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى لنبيه { إِن ربّك } يا محمد { أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } وانما قال ذلك ليدل على أن تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض وقع موقع الحكمة ، لأنه من عالم بباطن الأمور ، واذا ذكر ما هو معلوم فانما يذكره ليدل به على غيره والانبياء وان كانوا في أعلى مراتب الفضل ، لهم طبقات بعضهم أعلى من بعض ، وإِن كانت المرتبة الوسطى لا تلحق العليا ولا يلحق مرتبة النبي من ليس بنبيّ أبداً . وقوله { وآتينا داود زبوراً } اي خصصناه بالذكر ، وفيه لغتان فتح الزاي ، وضمها . والفتح أفصح . ثم قال لنبيه { قل } لهم { ادعوا الذين زعمتم من دونه } يعني الذين زعمتم انهم أرباب وآلهة من دون الله ادعوهم اذا نزل بكم ضرر ، فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك ام لا . وقال ابن عباس والحسن { الذين من دونه } الملائكة والمسيح وعزير . وقال ابن مسعود : أراد به ما كانوا يعبدون من الجن : وقد أسلم اولئك النفر من الجن لان جماعة من العرب كانوا يعبدون الجن ، فأسلم الجن وبقي الكفار على عبادتهم . وقال أبو علي : رجع الى ذكر الانبياء في الآية الاولى . والتقدير إِن الأنبياء يدعون الى الله يطلبون بذلك الزلفة لديه ويتوسلون به اليه والى رضوانه وثوابه ، أيُّهم كان أفضل عند الله ، واشد تقرباً اليه بالأعمال . ثم قال { فلا يملكون } يعني الذين تدعون من دون الله { كشف الضر } والبلاء { عنكم } ولا تحويله الى سواكم . ثم قال { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب … } الاية قوله { أولئك } رفع بالابتداء و { الذين } صفة لهم و { يبتغون إلى ربهم } خبر الابتداء . والمعنى الجماعة الذين يدعون يبتغون الى ربهم { أيهم } رفع بالإبتداء و { أقرب } خبره . والمعنى يطلبون الوسيلة ينظرون ايهم اقرب فيتوسلون به ، ذكره الزجاج . وقال قوم : الوسيلة هي القرية والزلفة . وقال الزجاج : الوسيلة والسؤال والسؤل والطلبة واحد ، والمعنى إِن هؤلاء المشركين يدعون هؤلاء الذين اعتقدوا فيهم انهم ارباب ويبتغي المدعوون أرباباً الى ربِّهم القربة والزلفة لأنهم اهل إِيمان به . والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله ، ايهم اقرب عند الله بصالح اعماله واجتهاده في عبادته ، فهم يرجون بأفعالهم رحمته ويخافون عذابه بخلافهم إِياه { إِن عذاب ربك كان محذوراً } اي متقى .