Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 76-78)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن عامر واهل الكوفة الا ابا بكر { خلافك } . الباقون " خلفك " فمن قرأ " خلفك " فلقوله { فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها } وقوله { بمقعدهم خلاف رسول الله } اي لمخالفتهم إِياه ، ومن قرأ { خلافك } قال بعدك وخلفك وخلافك بمعنى واحد ، يقول الله تعالى { وإِن كادوا } يعني المشركين { ليستفزونك من الأرض } قال الحسن : معناه ليقتلونك ، وقال غيره : الاستخفاف بالانزعاج . وقال ابو علي : همُّوا بأن يخرجوه من ارض العرب لا من مكة فقط ، إِذ قد أخرجوه من مكة ، وقال المعتمر ابن ابي سليمان عن ابيه : الارض التي ارادوا استزلاله منها : هي ارض المدينة ، لان اليهود قالت له : هذه الارض ليست ارض الانبياء , وانما أَرض الانبياء الشام . وقال قتادة ومجاهد : هي مكة ، لان قريشاً همّت بإِخراجه منها . ثم قال تعالى : انهم لو اخرجوك من هذه الارض لما لبثوا ، لما اقاموا بعدك فيها إِلا قليلا . وقال ابن عباس والضحاك : المدة التي لبثوا بعده هو ما بين خروج النبي من مكة ، وقتلهم يوم بدر . ومن قرأ خلافك اراد بعدك ، كما قال الشاعر : @ عقب الرذاذ خلافها فكأنما بسط الشواطب بينهن حصيرا @@ الرذاذ المطر الخفيف ، يصف روضة وأرضاً غبّ مطرها ، وكانت حضراء وقال الحسن الاستفزاز - هاهنا - الفتل . وقوله { وإِذاً لا يلبثون } بالرفع ، لان ( إِذاً ) وقعت بعد الواو ، فجاز فيها الالغاء ، لانها متوسطة في الكلام ، كما انه لا بد من ان تلغى في آخر الكلام . وقوله { سنة من قد أرسلنا } انتصب { سنة } بمعنى لا يلبثون . وتقديره : لا يلبثون لعذابنا إِياهم كسنة من قبلك ، إِذ فعلت اممهم مثل ذلك . ثم قال { لا تجد لسنتنا تحويلاً } اي تغييراً وانتقالاً من حالة إِلى حالة اخرى . بل هي على وتيرة واحدة . ثم امر نبيه صلى الله عليه وسلم فقال { أقم الصلاة } والمراد به أمّته معه { لدلوك الشمس } اختلفوا في الدلوك ، فقال ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن زيد : هو الغروب والصلاة المأمور بها - ها هنا - هي المغرب ، وقال ابن عباس في رواية اخرى والحسن ، ومجاهد ، وقتادة : دلوكها زوالها ، هوالمروي عن ابي جعفر وابي عبد الله ( ع ) . وذلك ان الناظر اليها يدلك عينيه ، لشدة شعاعها . واما عند غروبها فيدلك عينيه لقلة تبينها ، والصلاة المأمور بها عند هؤلاء الظهر ، وقال الراجز : @ هذا مقام قدمي رباح للشمس حتى دلكت براح @@ ورباح اسم ساقي الابل . من روى بكسر الباء اراد براحته ، قال الفراء : يقال : بالراحة على العين ، فينظر هل غابت الشمس بعد ، قال الفراء هكذا فسروه لنا ، ومن رواه بفتح الباء جعله اسماً للشمس مبنياً على ( فعال ) مثل قطام وحذام وقال العجاج : @ والشمس قد كادت تكون دنفا ادفعها بالراح كي تزحلفا @@ وغسق الليل ظهور ظلامه ، ويقال غسقت القرحة إِذا انفجرت ، فظهر ما فيها . وقال ابن عباس وقتادة : هو بدؤ الليل ، قال الشاعر : @ إِن هذا الليل اذ غسقا @@ وقال الجبائي غسق الليل ظلمته ، وهو وقت عشاء الآخرة . وقوله { وقرآن الفجر } قال قوم يعني قرآن الفجر في الصلاة ، وذلك يدل على أن الصلاة ، لا تتم إِلا بالقراءة ، لأنه أمر بالقراءة وأراد بها الصلاة ، لأنها لا تتم إِلا بها . وقوله : { إِن قرآن الفجر كان مشهوداً } معناه يشهده ملائكة الليل ، وملائكة النهار ، ذهب اليه ابن عباس ، وقتادة ومجاهد وابراهيم . وروي عن امير المؤمنين ( ع ) وأبي بن كعب أنها الصلاة الوسطى ، وقال الحسن : { لدلوك الشمس } لزوالها : صلاة الظهر ، وصلاة العصر الى { غسق الليل } صلاة المغرب والعشاء الآخرة ، كأنه يقول من ذلك الوقت الى هذا الوقت على ما يبين لك من حال الصلوات الأربع ، ثم صلاة الفجر ، فأفردت بالذكر . وقال الزجاج : سمى صلاة الفجر { قرآن الفجر } ، لتأكد أَمر القراءة في الصلاة ، ومعنى { لدلوك الشمس } أَي عند دلوبها . واستدل قوم بهذه الآية على أَن وقت الاولى موسع الى آخر النهار ، لأنه أَوجب إِقامة الصلاة من وقت دلوك الشمس الى وقت غسق الليل ، وذلك يقتضي ان ما بينهما وقت . وهذا ليس بشيء ، لأن من قال : إِن الدلوك هو الغروب لا دلالة فيها عليه عنده ، لان من قال ذلك يقول : انه يجب إِقامة المغرب من عند المغرب الى وقت اختلاط الظلام الذي هو غروب الشفق ، وما بين ذلك وقت المغرب . ومن قال : الدلوك هو الزوال يمكنه أَن يقول : المراد بالآية البيان لوجوب الصلواة الخمس على ما ذكره الحسن ، لا بيان وقت صلاة واحدة ، فلا دلالة له في الآية . و { مشهوداً } قيل في معناه قولان : احدهما - تشهده ملائكة الليل ، والنهار . والثاني - قال الجبائي : فيه حث للمسلمين على ان يحضروا هذه الصلاة ويشهدوها للجماعة .