Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 79-81)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى له : { ومن الليل فتهجّد } والتهجّد التيقظ بما ينفي النوم ، والهجود النوم ، وهو الأصل ، هجد يهجد هجوداً ، فهو هاجد إِذا نام ، قال لبيد : @ قلت هجدنا فقد طال السرى @@ وقال الشاعر : @ أَلا طرقتنا والرفاق هجود فباتت بعلاَّت النوال تجود @@ وقال الحطيئة : @ أَلا طرقت هند الهنود وصحبتي بحوران حوران الجنود هجود @@ وقال علقمة ، والاسود : التهجد يكون بعد نومة . وقال المبرّد : - التهجد عند أهل اللغة - السهر للصلاة ، أَو لذكر الله ، فاذا سهر للصلاة قيل تهجد ، واذا أَراد النوم قال هجدت . والنافلة فعل ما فيه الفضيلة مما رغّب الله فيه ، ولم يوجبه . والنافلة . الغنيمة ، قال الشاعر : @ إِن تقوى ربنا خير نَفل وباذن الله ريثي والعجل @@ اي خير غنيمة . والحسن من افعال العباد على ثلاثة أقسام : واجب ، وندب ، ومباح . وقال الرماني : يجوز ان يكون نافلة اكثر ثواباً من فريضة إِذا كان ترك الفريضة صغير ، لأن نافلة النبي صلى الله عليه وسلم أَعظم من هذه الفريضة ، من فرائض غيره . وقد تكون نعمة واجبة أَعظم من نعمة واجبة ، كنعم الله تعالى ، لانه يستحق بها العباد من نعمة الانسان التي يستحق بها الشكر فقط . وقوله : { نافلة لك } وجه هذا الاختصاص هو أَنه أَتمّ ، للترغيب لما في ذلك من صلاح أُمته في الابتداء به والدعاء الى الاستنان بسنته . وروي أنها فرضت عليه ، ولم تفرض على غيره ، فكانت فضيلة له ، ذكره ابن عباس ، فيجوز ذلك بترغيب يخصّه في شدته . وقال مجاهد : لانها فضيلة له ولغيره كفَّارة ، لان الله تعالى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وهذا ايضاً من إِختصاصه بما ليس لغيره . وقوله : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } معناه متى فعلت ما ندبناك اليه من التهجد يبعثك الله مقاماً محموداً ، وهي الشفاعة ، في قول ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة . وقال قوم : المقام المحمود إِعطاؤه لواء الحمد . و ( عسى ) من الله واجبه . وقد أنشد لابن مقبل في وجوبها : @ ظني بهم كعسى وهم بتنوفة يتنازعون جوائز الامثال @@ يريد كيقين ، ثم أَمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول : { أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق } قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : إِدخاله المدينة حين أخرج من مكة . وقيل ادخلني فيما أَمرتني واخرجني عما نهيتني بلطف من أَلطافك . وقال الفراء : قال ذلك حين رجع من معسكره الذي أَراد أن يخرج الى الشام ، حين قالوا له : ليست المدينة أَرض الانبياء ، و { أخرجني مخرج صدق } يعني الى مكة . وقال أيضاً : يا محمد قل { واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً } قال الحسن وقتادة : معناه اجعل لي عزّاً امتنع به ممن يحاول صدي عن إِقامة فرائض الله في نفسه وغيره . وقال مجاهد : حجة بينة . ثم قال : { وقل جاء الحق } يعني التوحيد وخلع الانداد والعبادة لله وحده لا شريك له { وزهق الباطل } قال ابن عباس : معناه ذهب الباطل ، وزهقت نفسه زهوقاً إِذا خرجت ، فكأنه خرج الى الهلاك . وقيل امر بهذا الدعاء إِذا دخل في أمرٍ او خرج من امر . ثم قال تعالى وأَخبر { إن الباطل كان زهوقاً } باطلاً هالكاً لا ثبات له ، وانه يضمحل ويتلاشى . وروي عن ابن مسعود أنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مكة ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً ، فجعل يطعنها بعود ، ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل إِن الباطل كان زهوقا " وجاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد .