Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 85-87)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { يسألونك عن الروح } يا محمد . واختلفوا في الروح الذي سألوا عنه . فقال ابن عباس : هو جبرائيل . وروي عن علي ( ع ) أَن الروح ملك من الملائكة له سبعون الف وجه في كل وجه سبعون الف لسان يسبح الله بجميع ذلك . وقيل : هو روح الحيوان ، وهو الاظهر في الكلام . وقال قتادة : الذي سأله عن ذلك قوم من اليهود . وقيل : الروح هو القرآن ، ذكره الحسن ، لقوله : { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا } واختاره البلخي ، وقوى ذلك بقوله بعدها : { ولئن شئنا لنذهبنّ بالذي أَوحينا إليك } يعني القرآن ، فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم { الروح من أَمر ربي } فعلى قول من قال : انهم سألوا عن القرآن أو عن جبرائيل او الملك أو روح الحيوان ، فقد أَجاب عنه لانه قال : { من أمر ربي } أي من خلق ربي وفعله . وعلى قول : من قال انهم سألوه عن ماهية الانسان ، لم يجب ، وانما عدل عن جوابهم ، لانهم وجدوا في كتابهم انه إِن أجاب عن الروح ، فليس بنبيّ ، فاراد صلى الله عليه وسلم ان يصدق نبوته بموافقة امتناعه من الجواب ، لما في كتابهم . ويقوي ذلك قوله : { وما أوتيتم من العلم إِلا قليلاً } اي لم أُعط من العلم الا شيئاً يسيراً ، والاكثر لا اعلمه ، لان معلومات الله تعالى لا نهاية لها . والروح من الامور المتروكة التي لا يصلح النص عليها ، لانه ينافي الحكمة ، لما فيه من الاستفساد . وانما اعلم ما نص لي عليه مما يقتضي المصلحة ، وهو قليل من كثير . وقيل ايضاً انهم لم يجابوا عن الروح ، لان المصلحة اقتضت ان يحالوا على ما في عقولهم من الدلالة عليه ، لما في ذلك من الرياضة على استخراج الفائدة ، وان ما طريقه السمع ، فقد اتى به ، وما طريقه العقل ، فانما يأتي به مؤكداً لما في العقل لضرب من التأكيد ، ولما فيه من المصلحة . والروح جسم رقيق هوائي على بنية حيوانية في كل جزء منه حياة ، ذكره الرماني . وقال : كل حيوان ، فهو روح وبدن الا أن فيهم من الاغلب عليه الروح ، وفيهم من الاغلب عليه البدن . ثم قال : { ولئن شئنا لنذهبنّ بالذي أوحينا إليك } ومعناه اني اقدر ان آخذ ما أعطيك ، كما منعته من غيرك ، لكني دبرتك بالرحمة لك ، فأعطيتك ما تحتاج اليه ومنعتك ما لا تحتاج اليه والى النص عليه . وان توهّم قوم أنه مما يحتاج اليه ، فتدبر أنت بتدبير ربك وارض بما اختاره لك ، ولو فعلنا ذلك لم تجد لك علينا وكيلاً يستوفي ذلك منا . وقال قوم : معنى { ولئن شئنا لنذهبنّ } اي لنمحونّ - هنا - القرآن من صدرك وصدر أمّتك . وقوله : { إلا رحمة من ربك } اعطاك ما اعطاك من العلوم ومنعك ما منعك منها { إن فضل الله كان } فيما مضى وفيما يستقبل { عليك كبيراً } عظيماً ، فقابله بالشكر .