Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 88-90)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة { تفجر } بالتخفيف . الباقون بالتشديد ، يقال : فجر يفجر بالتخفيف إِذا شق الأنهار ، ومن شدد ، فلقوله { وفجّرنا خلالها نهراً } اي مرة بعد مرة ، ولقوله { فتفجّر الأنهار خلالها تفجيراً } فالتفجير لا يكون إِلا من فجر . في الآية الاولى ، تحدي للخلق ان يأتوا بمثل هذا القرآن وأنهم يعجزون عن ذلك ولا يقدرون على معارضته ، لأنه تعالى قال { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار { لئن اجتمعت الإنس والجن } متعاونين متعاضدين { على أن يأتوا بمثل هذا القرآن } في فصاحته وبلاغته ونظمه ، على الوجه الذي هو عليه ، من كونه في الطبقة العليا من البلاغة وعلى حد يشكل على السامعين ما بينهما من التفاوت ، لما أتوا بمثله ، ولعجزوا عنه { ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً } اي معيناً ، والمثلية التي تحدوا بالمعارضة بها معتادة بينهم ، كمعارضة علقمه لامرىء القيس ، ومعارضة الحرث ابن حلزة عمرو بن كلثوم ، ومعارضة جرير الفرزدق . وما كان ذلك خافياً عليهم . ثم قال { ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل } وتصريفه إِياه هو توجيهه إِياه في معانٍ مختلفة . وقال الرماني : هو تصيير المعنى دائراً فيما كان من المعاني المختلفة . وذلك أنه لو أدير في المعاني المتفقة لم يعد ذلك تصريفاً ، فالتصريف تصيير المعنى دائرا في الجهات المختلفة . وقوله { لا يأتون بمثله } انما رفعه لانه غلب جواب القسم على جواب ( إن ) لوقوعه في صدر الكلام ، وقد يجوز أَن يجزم على جواب ( إِن ) إِلا أَن الرفع الوجه ، وقال الاعشى : @ لئن منيت بنا عن غب معركة لا تلقنا من دماء القوم ننتقل @@ وقوله { فأبى أَكثر الناس إِلا كفوراً } معناه إِنما { صرّفنا في هذا القرآن من كل مثل } ليستدلوا به على كونه من قبل الله تعالى ومع ذلك يأبى أَكثر الناس إِلا الجحد به ، وإِنكاره ، فالكفور - ها هنا - هو الجحود للحق بالاستكبار . ويقولون مع ذلك { لن نؤمن لك } يا محمد { حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً } ومعناه حتى تشقق من الارض عيناً ينبع بالماء أَي يفور ، فهو على وزن ( مفعول ) من ( نبع ) ، يقال نبع الماء ينبع ، فهو نابع ، وجمعه ينابيع ، وانما طلبوا عيوناً ببلدهم - في قول قتادة - والتفجير التشقيق عما يجري من ماء او ضياء ، ومنه سمى الفجر ، لانه ينشق عن عمود الصبح ، ومنه الفجور ، لأنه خروج الى الفساد لشق عمود الحق .