Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 16-18)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن عامر واهل الكوفة ، وابو بكر والاعشى إلا يحيى والعليمي " مرفقاً " بفتح الميم وكسر الفاء . الباقون - بكسر الميم وفتح الفاء - وقرأ ابن عامر ويعقوب ( تزور ) - بتخفيف الزاي وتسكينها وتشديد الراء من غير ألف - وقرأ أهل الكوفة بتخفيف الزاي والف بعدها وتخفيف الراء . الباقون كذلك إلا أنهم شددوا الزاي . وقرأ أهل الحجاز " لمليت " بتشديد اللام . الباقون بتخفيفها وبالهمز . قال ابو عبيدة : المرفق ما ارتفقت به وبعضهم يقول : المرفق . فأما في اليدين فهو ( مرفق ) بكسر الميم وفتح الفاء ، وهو قول الكسائي ، واجاز الفراء الفتح أيضاً . وقال ابو زيد يقال : رفق الله عليك أهون المرفق والرفق . قال ابو علي : ما حكاه أبو زيد في { المرفق } فانه جعله مصدراً ، لأنه جعله كالرفق ، وكان القياس الفتح لانه من ( يرفق ) لكنه كقوله { مرجعكم } { ويسألونك عن المحيض } وقال ابو الحسن : { مرفقاً } أي شيئاً يرتفقون به مثل المقطع . و { مرفقاً } جعله اسماً مثل المسجد أو يكون لغة يعنى في اسم المصدر مثل المطلع ونحوه . ولو كان على القياس لفتحت اللام . وقال الحسن ايضاً : مرفق - بكسر الميم وفتحها - لغتان لا فرق بينهما انما هما اسمان مثل المسجد والمطبخ . ومن قرأ " تزورّ " فانه مثل تحمر وتصفر ، ومعناه تعدل وتميل قال عنترة : @ فازور من وقع القنا بلبانه وشكى الي بعبرة وتحمحم @@ وقرأ عاصم والجحدري " تزوار " مثل تحمار وتصفار . ومن قرأ " تزاور " أراد تتزاور فأدغم التاء في الراء . ومن خفف اراد ذلك ، وحَذَفَ إحدى التائين وهي الثانية مثل تساقط ، وتساقط ، وتظاهرون ، وتظاهرون . قال أبو الزحف : @ ودون ليلى بلد سمهدر جدب المندى عن هوانا ازور @@ يقال : هو أزور عن كذا أي مائل . وفى فلان زور أي عوج ، والزور - بسكون الواو - هو المصدر ، ومثله الجوشن ، والكلكل ، والكلكال ، كل ذلك يراد به المصدر وقال ابو الحسن : قراءة ابن عامر " تزور " لا توضع في ذا المعنى ، انما يقال : هو مزور عني أي منقبض . وقال ابو علي : يدل على أن ( ازور ) بمعنى انقبض - كما قال ابو الحسن - قول الشاعر : @ وأزور من وقع بلبانه @@ والذي حسّن القراءة به قول جرير : @ عسفن على الاداعس من مهيل وفى الاظغان عن طلح ازورار @@ فظاهر استعمال هذا ( الاظغان ) مثل استعماله في { الشمس } . ويقال : ملئ فلان وعياً وفزعاً ، فهو مملؤ ، وملي ، فهو مملي - بالتشديد ، للتكثير من ملأت الاناء فهو ملآن ، وامتلأ الحوض يمتلئ امتلاءاً ، وقولهم : تمليت طويلا ، وعانقت حبيباً ، ومت شهيداً ، وابليت جديداً ، فهو غير مهموز . قال ابو الحسن : الخفيفة أجود في كلام العرب ، لانهم يقولون ملأته رعباً ، فلا يكادون يعرفون ( ملأتني ) . قال ابو علي : يدل على قول أبي الحسن قولهم ( فيملأ بيتنا اقطاً وسمنا ) وقال الاعشى : @ وقد ملأت بكر ومن لف لفها @@ وقال الآخر : @ لا تملأ الدلو وعرق فيها @@ وقولهم : ( امتلأت ) يدل على ( ملئ ) لأن مطاوع ( فعلت ) ( افتعلت ) وقد انشدوا في التثقيل قول المخبل السعدي : @ فملأ من كعب سلاسله @@ وقوله { وإذ اعتزلتموهم } خطاب من اهل الكهف بعضهم لبعض ، ودعاء بعضهم بعضاً الى أن يأووا الى الكهف ، رجاء من الله أن ينشر لهم من رحمته ويبسطها عليهم ، ويهيئ لهم من أمرهم مرفقاً اي شيئاً يرتفق به ويستعان به كالمقطع والمجزر . وقوله { وما يعبدون إلا الله } { ما } في موضع نصب ومعناه وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله من الاصنام والاوثان ، ويحتمل الاستثناء امرين : أحدهما - أن يكون متصلا ، فيجوز على ذلك أن يكون فيهم من يعبد الله مع عبادة الوثن ، فيكون اعتزالهم للاوثان دون الله . والثاني - يجوز أن يكون جميعهم كان يعبد الأوثان دون الله فعلى هذا يكون الاستثناء منقطعاً . وقوله { فأووا إلى الكهف } أي اجعلوه مأواكم ومقركم { ينشر } الله { لكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم } ما ترتفقون به . وقوله { فأووا } جواب ( إذ ) كما تقول : إذ فعلت قبيحاً ، فتب . وقوله { وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين } أي تعدل عنهم وتميل ، يقال : ازور ازوراراً ، وفيه زور أي ميل . وقوله { وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال } قيل في معناه قولان : أحدهما - تقطعهم فى ذات الشمال أي انها تجوزهم منحرفة عنهم ، من قولك قرضته بالمقراض أي قطعته . الثاني - تعطيهم اليسير من شعاعها ثم تأخذه بانصرافها ، ومن قرض الدراهم التي تسترد . وقال مجاهد : تقرضهم تتركهم . وقال ابو عبيدة كذلك هو في كلامهم يقال : قرضت الموضع إذا قطعته وجاوزته . وقال الكسائي والفراء : هو المجاوزة يقال : قرضني فلان يقرضني وجازني يجوزني بمعنى واحد ، قال ذو الرمة : @ الى قرض يقرض اجواز مشرف شمالا وعن ايمانهن الفوارس @@ والقرض يستعمل في اشياء غير هذا ، فمنه القطع للثوب وغيره ، ومنه سمي المقراض ، ومنه قرض الفار . وقال ابو الدرداء : ( إن قارضتهم قارضوك وإن تركتهم لم يتركوك ) ومعناه إن طعنت فيهم وعبتهم فعلوا بك مثله وإن تركتهم منه لم يتركوك . والقرض ، من يتقارض الناس بينهم الاموال ، وقد يكون ذلك في الثناء تثني عليه كما يثني عليك . والقرض بلغة أهل الحجاز المضاربة ، والقرض قول الشعر القصيد منه خاصة دون الرجز ، وقيل للشعر قريض . ومن ذلك قول الاغلب العجلي : @ أرجزاً يريد أو قريضاً @@ والمعنى في الآية ان الشمس لا تصيبهم البتة أو في اكثر الأمر ، فتكون صورهم محفوظة . وقيل ان الكهف الذي كانوا فيه كان محاذياً لبنات النعش إذا جازت خط نصف النهار . والفجوة : المتسع من الارض . وقال قتادة : في فضاء منه ، وتجمع فجوات وفجاء ممدود ، وقيل الفجوة متسع داخل الكهف بحيث لا يراه من كان ببابه ، وكان الكلب بباب الفجوة . وقوله { ذلك من آيات الله } أي ادلته وبراهينه { من يهد الله فهو المهتد } معناه من يسمه الله هادياً ويحكم بهدايته { فهو المهتد } . ويحتمل أن يكون اراد : من يهده الله الى الجنة ، فهو المهتدي في الحقيقة . ويحتمل أن يكون : من يلطف الله له بما يهتدى عنده ، فهو المهتدي { ومن يضلل } اى يحكم بضلاله أو يسميه ضالا أو من يضله عن طريق الجنة ، ويعاقبه { فلن تجد له ولياً مرشداً } اى معيناً وناصراً يرشده الى الجنة والثواب . ثم قال تعالى { وتحسبهم } يعني وتحسب يا محمد أهل الكهف إذا رأيتهم { أيقاظاً } أي منتبهين { وهم رقود } أي نيام . وقيل انهم كانوا في مكان موحش منه ، أعينهم مفتوحة يتنفسون ولا يتكلمون . وواحد { رقود } راقد أى نائم . وقوله { ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال } اخبار منه تعالى عما يفعل بهم وكيفية حفظ اجسادهم بأن يقلبهم من جنب الى جنب الى اليمين تارة والى الشمال أخرى . وقوله { وكلبهم باسط ذراعية بالوصيد } قال ابن عباس : الوصيد الفناء ، وبه قال مجاهد وقتادة والضحاك . وفي رواية أخرى عن ابن عباس : انه هو الباب اذا أغلمته ، ومنه { نار موصدة } ويجمع ( وصيد ) وصائد ووصد ، وفى واحده لغتان : وصيد ، وأصيد . وأوصدت وآصدت . وليس أحدهما مؤخوذاً من الآخر ، بل هما لغتان مثل ورخت الكتاب وأرخته ، ووكدت الأمر وأكدته . وقوله { لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً } نصب على المصدر ، ومعناه لو اشرفت عليهم لاعرضت عنهم هرباً استيحاشاً للموضع { ولملئت منهم رعباً } نصب على الحال ، والمعنى لما ألبسهم الله تعالى من الهيبة لئلا يصل اليهم احد حتى يبلغ الكتاب اجله فيهم ، فينتبهون من رقدتهم باذن الله عند ذلك من امرهم . وقيل انه : كانت اضفارهم قد طالت ، وكذلك شعورهم ، فلذلك يأخذه الرعب منهم . وقال الجبائي : نومهم ثلثمائة سنة وتسع سنين - لا تتغير احوالهم ولا يطعمون ولا يشربون - معجزة لا تكون إلا لنبي . وقيل النبي كان احدهم ، وهم الرئيس الذى اتبعوه وآمنوا به .