Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 19-21)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { بورقكم } - بسكون الراء - أبو عمرو وحده وأبو بكر عن عاصم الباقون بكسر الراء . وروي عن أبي عمرو " بورقكم " بادغام القاف في الكاف . وفي " ورقكم " اربع لغات - فتح الواو وكسر الراء - وهو الأصل . وفتح الواو وسكون الراء . وكسر الواو وسكون الراء . والادغام . فالورق الدراهم ، ويقال ايضاً بفتح الراء ، ويجمع اوراق . ورجل وراق كثير الدراهم . فأما ما يكتب فيه فهو ( الورق ) بفتح الراء لا غير . والورق الغلمان الملاح . وقيل الورق - بفتح الراء - المال كله المواشي وغيرها قال العجاج : @ اغفر خطاياي وطوح ورقي @@ في قصة أهل الكهف اعتبار ودلالة على أن من قدر على نقض العادة - بتلك المعجزة - قادر لا يعجزه شيء ، وإن التدبير يجري بحسب الاختيار ، لا بايجاب الطبائع ، كما يتوهمه بعض الجهال ، لانه على تدبير مختار ، كما يدل على تدبير عالم . ووجه التشبيه في قوله { وكذلك بعثناهم } أي كما حفظنا احوالهم تلك المدة { بعثناهم } من تلك الرقدة ، لان أحد الامرين كالآخر في أنه لا يقدر عليه إلا الله تعالى . بين الله تعالى أنه بعث أهل الكهف بعد نومهم الطويل ورقدتهم البعيدة ليسأل بعضهم بعضاً عن مدة مقامهم ، فيتنبهوا بذلك على معرفة صانعهم إن كانوا كفاراً . وإن كانوا مؤمنين تثبتوا زيادة على ما معهم ، ويزدادوا يقيناً الى يقينهم . وقال البلخي : اللام في قوله { ليتسألوا } لام العاقبة ، لأن التساؤل بينهم قد وقع . ثم اخبر تعالى أن قائلا منهم قال : للباقين { كم لبثتم } مستفهماً لهم ، فقالوا في جوابه : { لبثنا يوماً أو بعض يوم } وانما اخبروا بذلك من غير أن يعلموا صحته ، لأن الاخبار في مثل هذا عن غالب الظن وعلى ذلك وقع السؤال ، لان النائم لا يدري ، ولا يتحقق مقدار نومه إلا على غالب الظن . وقيل أنهم لما ناموا كان عند طلوع الشمس فلما انتبهوا كانت الشمس دنت للغروب بقليل . فلذلك قالوا : يوماً أو بعض يوم - ذكره الحسن - . وقيل ايضاً إن الخبر بأنهم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم ليس ينافى انهم لبثوا مدة طويلة ، لان المدة الطويلة تأتي على قصيرة وتزيد عليها لا محالة . ثم قالوا { ربكم أعلم بما لبثتم } ومعناه ان الذي خلقكم اعرف بمدة لبثكم على التحقيق . والاعلم هو من كانت علومه اكثر أو صفاته في كونه عالماً أزيد . وقيل : إن الاعلم هو من كانت معلوماته اكثر ، وهذا ليس بصحيح ، لانه يلزم انه عالم من اجل العلوم . ثم قال بعضهم لبعض { فابعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً } وقيل في معناه قولان : احدهما - قال قتادة : { أزكى } أجل وخير . والثاني - ايها أنمى طعاماً بأنه طاهر حلال ، لانهم كانوا يذبحون للاوثان ، وهم كفار أرجاس . وقيل معناه ايها اكثر فان الزكاء والنماء الزيادة . { فليأتكم برزق منه وليتلطف } في شرائه واخفاء أمره { ولا يشعرن بكم احداً } أي لا يعلمن بمكانكم أحداً . وقيل : المعنى وإن ظهر عليه فلا يوقعن اخوانه فيما وقع فيه لانهم { إن يظهروا عليكم } ويعلموا بمكانكم { يرجموكم } . قال الحسن : معناه يرجموكم بالحجارة . وقال ابن جريج : يشتموكم ويؤذوكم بالقول القبيح { أو يعيدوكم في ملتهم } اي يردوكم في عبادة الاصنام . ومتى فعلتم ذلك { لن تفلحوا } بعد ذلك { أبداً } ولا تفوزوا بشيء من الخير . ثم قال : { وكذلك اعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق } ومعناه انا كما فعلنا بهم ما مضى ذكره ، مثل ذلك اظهرنا عليهم واطلعنا عليهم ، ليعلم الذين يكذبون بالعث { أن وعد الله حق } ويزداد المؤمنون ايماناً ، والتقدير ، ليستدلوا بما يؤديهم الى العلم بأن الوعد فى قيام الساعة حق كما قبضت ارواح هؤلاء الفتية تلك المدة . ثم بعثوا كأنهم لم يزالوا أحياء على تلك الصفة . وقوله { إذ يتنازعون بينهم أمرهم } يجوز أن تكون { إذ } نصباً بـ { يعلموا } في وقت منازعتهم . ويجوز أن يكون بقوله { أعثرنا } والتقدير : وكذلك اطلعنا إذ وقعت المنازعة في امرهم . والمعنى انهم لما ظهروا عليهم وعرفوا خبرهم اماتهم الله في الكهف ، فاختلف الذين ظهروا على امرهم من اهل مدينتهم من المؤمنين وهم الذين غلبوا على امرهم . وقيل رؤساؤهم الذين استولوا على امرهم . فقال بعضهم : ابنوا عليهم مسجداً ليصلي فيه المؤمنون تبركاً بهم . وقيل إن النزاع كان فى ان بعضهم قال : قد ماتوا فى الكهف . وبعضهم قال : لا بل هم نيام كما كانوا ، فقال عند ذلك بعضهم : إن الذي خلقهم وانامهم وبعثهم اعلم بحالهم وكيفية امرهم ، فقال عند ذلك الذين غلبوا على امرهم من رؤسائهم لنتخذن عليهم مسجداً . وروي انهم لما جاؤا الى فم الغار دخل صاحبهم اليهم واخبرهم بما كانوا عنه غافلين مدة مفامهم ، فسألوا الله تعالى ان يعيدهم الى حالتهم الاولى فاعادهم اليها ، وحال بين من قصدهم وبين الوصول الهيم بأن اضلهم عن الطريق الى الكهف الذي كانوا فيه ، فلم يهتدوا اليهم . وقيل انهم لما دخلوا الغار سدوا على نفوسهم بالحجارة فلم يهتد احد اليهم لذلك .