Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 71-74)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { ليغرق أهلها } بالياء ، ورفع أهلها . الباقون بالتاء ونصب الأهل . فمن قرأ بالتاء ونصب الاهل ، فلقوله { أخرقتها لتغرق } بذلك { أهلها } أي فعلت ذلك وغرضك اهلاك اهلها على وجه الانكار . ومن قرأ بالياء أسند الغرق الى الأهل ، فكانه قال : فعلت ذلك ليغرقوا هم . وقرأ اهل الكوفة وابن عامر { زكية } بلا الف . وقرأ الباقون زاكية بألف . وقرأ ابن عامر ونافع - في رواية الاصمعي عنه وابو بكر عن عاصم - { نكراً } بضم النون والكاف . الباقون بتخفيف الكاف . قال الكسائي { زاكية ، وزكية } لغتان مثل قاسية وقسية . قال أبو عمرو : الزاكية التي لم تذنب قط ، والزكية التي إذا أذنبت تابت ، و ( النكر ) بالتثقيل والتخفيف لغتان مثل الرعب والرعب . اخبر الله تعالى عن موسى ( ع ) وصاحبه الذي تبعه ليتعلم منه أنهما ذهبا حتى إذا بلغا البحر ، فركبا فى السفينة فخرق صاحبه السفينة أي شق فيها شقاً ، لما أعلمه الله من المصلحة فى ذلك ، فقال له موسى منكراً لذلك على ظاهر الحال : { أخرقتها لتغرق أهلها } أي غرضك بذلك أن تغرق أهلها الذين ركبوها . ويحتمل أن يكون قال ذلك مستفهما أي فعلت ذلك لتغرق أهلها أم لغير ذلك . والاول أقوى لقوله بعد ذلك { لقد جئت شيئاً إمراً } فالامر المنكر - في قول مجاهد وقتادة - وقال ابو عبيدة : داهية عظيمة وانشد : @ لقد لقي الا قرآن منه نكراً داهية دهياء إداً إمراً @@ ومن سكن ( النكر ) فعلى لغة من سكن ( رسل ) . و ( الامر ) مأخوذ من الأمر ، لانه الفاسد الذي يحتاج أن يؤمر بتركه الى الصلاح ، ومنه رجل إمر إذا كان ضعيف الرأي ، لانه يحتاج أن يؤمر حتى يقوي رأيه . ومنه آمر القوم إذا كثروا حتى احتاجوا الى من يأمرهم وينهاهم ، ومنه الأمر من الامور أى الشيء الذى من شأنه ان يؤمر فيه ، ولهذا لم يكن كل شيء أمراً . فقال له الخضر { ألم أقل لك } فيما قبل { إنك لن تستطيع معي صبراً } أي لا يخفّ عليك ما تشاهده من أفعالي ويثقل عليك ، لانك لا تعرف المصلحة فيه ، ولم يرد بالاستطاعة المقدرة ، لأن موسى كان قادراً في حال ما خاطبه بذلك ، ولم يكن عاجزاً ، وهذا كما يقول الواحد منا لغيره أنا لا أستطيع النظر اليك ، وانما يريد أنه يثقل عليّ ، دون نفي القدرة في ذلك . فقال له موسى في الجواب عن ذلك { لا تؤاخذني بما نسيت } وروي أنه قال ذلك لما رأى الماء لا يدخل السفينة مع خرقها . فعلم أن ذلك لمصلحة يريدها الله ، فقال { لا تؤاخذني بما نسيت } وقيل في معنى نسيت ثلاثة أقوال : احدها - ما حكي عن أبي بن كعب ، أنه قال : معناه بما غفلت من النسيان الذي هو ضد الذكر . والثاني - ما روي عن ابن عباس أنه قال معناه : بما تركت من عهدك . الثالث - لا تؤاخذني بما كأني نسيته ، ولم ينسه فى الحقيقة - فى رواية أخرى - عن ابي بن كعب الانصاري . وقوله { ولا ترهقني من أمري عسراً } قيل معناه لا تغشني ، من قولهم رهقه الفارس إذا غشيه وادركه ، وغلام مراهق إذا قارب أن يغشاه حال البلوغ . والارهاق ادراك الشيء بما يغشاه . وقيل معنى أرهقه الأمر إذا ألحقه اياه . ثم أخبر تعالى انهما مضيا { حتى إذا لقيا غلاماً } أي رأيا غلاماً { فقتله } قال له موسى { أقتلت نفساً زاكية } ومعناه طاهرة من الذنوب . ومن قرأ { زكية } فمعناه بريئة من الذنوب . وذلك انها كانت صغيرة لم تبلغ حد التكليف على ما روي فى الاخبار . وقوله { بغير نفس } أي بغير قود ، ثم قال له { لقد جئت شيئاً نكراً } أي منكراً . وقيل معناه جئت بما ينبغي أن ينكر ، وقال قتادة النكر أشد من الامر ، وانما قيل لما لا يجوز فعله منكراً ، لانه مما تنكر صحته العقول ولا تعرفه .